فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلِتَصۡغَىٰٓ إِلَيۡهِ أَفۡـِٔدَةُ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ وَلِيَرۡضَوۡهُ وَلِيَقۡتَرِفُواْ مَا هُم مُّقۡتَرِفُونَ} (113)

{ ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون 113 أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين 114 وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم 115 } .

{ ولتصغى } اللام لام كي وقيل اللام للأمر وهو غلط فإنها لو كانت لام الأمر جزمت الفعل ، والإصغاء الميل يقال صغوت أصغو وصغيت أصغي ويقال أصغيت الإناء إذا أملته ليجتمع ما فيه وأصله الميل إلى الشيء لغرض من الأغراض ، ويقال صغت النجوم إذا مالت للغروب وأصغت الناقة إذا مالت برأسها .

والضمير في { إليه } لزخرف القول أو لما ذكر سابقا من زخرف القول وغيره أي أوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول ليغروهم ولتصغي إليه { أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة } من الكفار والمعنى أن قلوب الكفار تميل إلى زخرف القول وباطله وتحبه وترضى به ، وهو قوله { وليرضوه } لأنفسهم بعد الإصغاء إليه { وليقترفوا ما هم مقترفون } من الآثام والاقتراف والاكتساب ، يقال خرج ليقترف لأهله أي ليكتسب لهم ، وقارف فلان هذا الأمر إذا واقعه ، وقرفه إذا رماه بالرمية واقترف كذب ، وأصله اقتطاع قطعة من شيء أي ليكتسبوا من الأعمال الخبيثة ما هم مكتسبون .

وترتيب هذه المفاعيل في غاية الفصاحة لأنه أولا يكون الخداع فيكون الميل فيكون الرضا فيكون الفعل أي الاقتراف ، فكل واحد مسبب عما قبله قاله أبو حيان .