الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{ٱنظُرۡ كَيۡفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلۡأَمۡثَالَ فَضَلُّواْ فَلَا يَسۡتَطِيعُونَ سَبِيلٗا} (48)

47

وأخرج ابن إسحق والبيهقي في الدلائل ، عن الزهري رضي الله عنه قال : حدثت أن أبا جهل وأبا سفيان والأخنس بن شريق خرجوا ليلة يستمعون من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بالليل في بيته ، فأخذ كل رجل منهم مجلساً يستمع فيه ، وكل لا يعلم بمكان صاحبه ، فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا ، فجمعتهم الطريق فتلاوموا ، فقال بعضهم لبعض : لا تعودوا ، فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئاً ، ثم انصرفوا حتى إذا كان الليلة الثانية ، عاد كل رجل منهم إلى مجلسه ، فباتوا يستمعون له حتى طلع الفجر تفرقوا ، فجمعتهم الطريق فقال بعضهم لبعض : مثل ما قالوا أول مرة ، ثم انصرفوا حتى إذا كانت الليلة الثالثة ، أخذ كل واحد منهم مجلسه ، فباتوا يستمعون له ، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا ، فجمعتهم الطريق ، فقال بعضهم لبعض : لا نبرح حتى نتعاهد لا نعود ، فتعاهدوا على ذلك ثم تفرقوا ، فلما أصبح الأخنس أتى أبا سفيان في بيته فقال : أخبرني عن رأيك فيما سمعت من محمد . قال : والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها ، وسمعت أشياء ما عرفت معناها ولا ما يراد بها . قال الأخنس : وأنا والذي حلفت به . ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل ، فقال : ما رأيك فيما سمعت من محمد ؟ قال : ماذا سمعت ! تنازعنا نحن وبنو عبد مناف في الشرف ، أطعموا فأطعمنا ، وحملوا فحملنا ، وأعطوا فأعطينا ، حتى إذا تجاثينا على الركب ، وكنا كفرسي رهان ؛ قالوا : منا نبي يأتيه الوحي من السماء ، فمتى ندرك هذه ، والله لا نؤمن به أبداً ، ولا نصدقه فقام عنه الأخنس وتركه والله أعلم .