وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : " كان رجل سرق درعا من حديد في زمان النبي صلى الله عليه وسلم طرحه على يهودي ، فقال اليهودي : والله ما سرقتها يا أبا القاسم ولكن طرحت علي . وكان الرجل الذي سرق له جيران يبرئونه ويطرحونه على اليهودي ، ويقولون : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذا اليهودي خبيث يكفر بالله وبما جئت به ، حتى مال عليه النبي صلى الله عليه وسلم ببعض القول ، فعاتبه الله في ذلك فقال { إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما ، واستغفر الله } بما قلت لهذا اليهودي { إن الله كان غفورا رحيما } ثم أقبل على جيرانه فقال { ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم } إلى قوله { وكيلا } ثم عرض التوبة فقال { ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ، ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه } فما أدخلكم أنتم أيها الناس على خطيئة هذا تكلمون دونه { ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا } وإن كان مشركا { فقد احتمل بهتانا } إلى قوله { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى } قال : أبى أن يقبل التوبة التي عرض الله له وخرج إلى المشركين بمكة ، فنقب بيتا يسرقه ، فهدمه الله عليه فقتله .
وأخرج ابن المنذر عن الحسن " أن رجلا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم اختان درعا من حديد ، فلما خشي أن توجد عنده ألقاها في بيت جار له من اليهود وقال : تزعمون إني اختنت الدرع - فوالله - لقد أنبئت أنها عند اليهودي ، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم وجاء أصحابه يعذرونه ، فكأن النبي صلى الله عليه وسلم عذره حين لم يجد عليه بينة ، ووجدوا الدرع في بيت اليهودي ، وأبى الله إلا العدل ، فأنزل الله على نبيه { إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق } إلى قوله { أمن يكون عليهم وكيلا } فعرض الله بالتوبة لو قبلها إلى قوله { ثم يرم به بريئا } اليهودي ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم { ولولا فضل الله عليك ورحمته } إلى قوله { وكان فضل الله عليك عظيما } فأبرئ اليهودي ، وأخبر بصاحب الدرع قال : قد افتضحت الآن في المسلمين ، وعلموا أني صاحب الدرع ما لي إقامة ببلد ، فتراغم فلحق بالمشركين ، فأنزل الله ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ) ( النساء الآية 114 ) إلى قوله ( ضلالا بعيد ) " .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله { إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله } قال : بما أوحى الله إليك ، نزلت في طعمة بن أبيرق ، استودعه رجل من اليهود درعا ، فانطلق بها إلى داره ، فحفر لها اليهودي ثم دفنها ، فخالف إليها طعمة فاحتفر عنها فأخذها ، فلما جاء اليهودي يطلب درعه كافره عنها ، فانطلق إلى أناس من اليهود من عشيرته فقال : انطلقوا معي فإني أعرف موضع الدرع ، فلما علم به طعمة أخذ الدرع فألقاها في بيت أبي مليك الأنصاري ، فلما جاءت اليهود تطلب الدرع فلم تقدر عليها ، وقع به طعمة وأناس من قومه فسبوه قال : أتخونوني . . . ؟ فانطلقوا يطلبونها في داره ، فأشرفوا على دار أبي مليك فإذا هم بالدرع ، وقال طعمة : أخذها أبو مليك وجادلت الأنصار دون طعمة ، وقال لهم : انطلقوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقولوا له ينضح عني ويكذب حجة اليهودي ، فإني إن أكذب كذب على أهل المدينة اليهودي ، فأتاه أناس من الأنصار فقالوا : يا رسول الله جادل عن طعمة وأكذب اليهودي . فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل ، فأنزل الله عليه { ولا تكن للخائنين خصيما } إلى قوله { أثيما } ثم ذكر الأنصار ومجادلتهم عنه فقال { يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله } إلى قوله { وكيلا } ثم دعا إلى التوبة فقال { ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه } إلى قوله { رحيما } ثم ذكر قوله حين قال أخذها أبو مليك ، فقال { ومن يكسب إثما } إلى قوله { مبينا } ثم ذكر الأنصار وأتيانها إياه أن ينضح عن صاحبهم ويجادل عنه فقال : { لهمت طائفة منهم أن يضلوك } ثم ذكر مناجاتهم فيما يريدون أن يكذبوا عن طعمة فقال : ( لا خير في كثير من نجواهم ) ( النساء الآية 115 ) فلما فضح الله طعمة بالقرآن بالمدينة هرب حتى أتى مكة فكفر بعد إسلامه ، ونزل على الحجاج بن علاط السلمي ، فنقب بيت الحجاج ، فأراد أن يسرقه ، فسمع الحجاج خشخشته في بيته وقعقعة جلود كانت عنده ، فنظر فإذا هو بطعمة فقال : ضيفي وابن عمي فأردت أن تسرقني ؟ فأخرجه فمات بحرة بني سليم كافرا ، وأنزل الله فيه ( ومن يشاقق الرسول ) ( النساء الآية 115 ) إلى ( وساءت مصيرا ) .
وأخرج سنيد وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة قال : استودع رجل من الأنصار طعمة بن أبيرق مشربة له فيها درع فغاب ، فلما قدم الأنصاري فتح مشربته فلم يجد الدرع ، فسأل عنها طعمة بن أبيرق فرمى بها رجلا من اليهود يقال له زيد بن السمين ، فتعلق صاحب الدرع بطعمة في درعه ، فلما رأى ذلك قومه أتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فكلموه ليدرأ عنه ، فهم بذلك ، فأنزل الله { إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس } إلى قوله { ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم } يعني طعمة بن أبيرق وقومه { ها أنتم هؤلاء جادلتم } إلى قوله { يكون عليهم وكيلا } محمد صلى الله عليه وسلم وقوم طعمة { ثم يرم به بريئا } يعني زيد بن السمين { فقد احتمل بهتانا } طعمة بن أبيرق { ولولا فضل الله عليك ورحمته } لمحمد صلى الله عليه وسلم { لهمت طائفة } قوم طعمة ( لا خير في كثير ) ( النساء الآية 114 ) الآية للناس عامة ( ومن يشاقق الرسول ) ( النساء الآية 115 ) قال : لما أنزل القرآن في طعمة بن أبيرق لحق بقريش ورجع في دينه ، ثم عدا على مشربة للحجاج بن علاط البهري فنقبها ، فسقط عليه حجر فلحج فلما أصبح أخرجوه من مكة ، فخرج فلقي ركبا من قضاعة ، فعرض لهم فقال : ابن سبيل منقطع به . فحملوه حتى إذا جن عليه الليل عدا عليهم فسرقهم ثم انطلق ، فرجعوا في طلبه فأدركوه فقذفوه بالحجارة حتى مات . فهذه الآيات كلها فيه نزلت إلى قوله ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ) ( النساء الآية 115 ) .
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار ، استودع درعا فجحدها صاحبها ، فلحق به رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فغضب له قومه وأتوا نبي الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : خونوا صاحبنا وهو أمين مسلم ، فأعذره يا نبي الله وازجر عنه ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فعذره وكذب عنه وهو يرى أنه بريء وأنه مكذوب عليه ، فأنزل الله بيان ذلك فقال { إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله } إلى قوله { أمن يكون عليهم وكيلا } فبين خيانته فلحق بالمشركين من أهل مكة وارتد عن الإسلام ، فنزل فيه ( ومن يشاقق الرسول ) ( النساء الآية 115 ) إلى قوله ( وساءت مصيرا ) .
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية العوفي " أن رجلا يقال له طعمة بن أبيرق سرق درعا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فألقاها في بيت رجل ، ثم قال لأصحاب له : انطلقوا فاعذروني عند النبي صلى الله عليه وسلم فإن الدرع قد وجد في بيت فلان . فانطلقوا يعذرونه عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله { ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا } قال : بهتانه قذفه الرجل " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.