الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَمَن يَعۡمَلۡ سُوٓءًا أَوۡ يَظۡلِمۡ نَفۡسَهُۥ ثُمَّ يَسۡتَغۡفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (110)

وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق علي عن ابن عباس في قوله { ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله } قال : أخبر الله عباده بحلمه وعفوه وكرمه وسعة رحمته ومغفرته ، فمن أذنب ذنبا صغيرا كان أو كبيرا ثم استغفر الله يجد الله غفورا رحيما ولو كانت ذنوبه أعظم من السموات والأرض والجبال .

وأخرج ابن جرير وعبد بن حميد والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال : كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم ذنبا أصبح قد كتب كفارة ذلك الذنب على بابه ، وإذا أصاب البول شيئا منه قرضه بالمقراض ، فقال رجل : لقد آتى الله بني إسرائيل خيرا فقال ابن مسعود : ما آتاكم الله خير مما آتاهم ، جعل لكم الماء طهورا وقال { ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما } .

وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود قال : من قرأ هاتين الآيتين من سورة النساء ثم استغفر غفر له { ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما } . ( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فتستغفروا الله واستغفر لهم الرسول . . ) ( النساء الآية 48 ) الآية .

وأخرج ابن جرير عن حبيب بن أبي ثابت قال : جاءت امرأة إلى عبد الله بن مغفل ، فسألته عن امرأة فجرت فحبلت ولما ولدت قتلت ولدها فقال : ما لها إلا النار . فانصرفت وهي تبكي ، فدعاها ثم قال : ما أرى أمرك إلا أحد أمرين { من يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما } فمسحت عينها ثم مضت .

وأخرج ابن أبي حاتم وابن السني في عمل اليوم والليلة وابن مردويه عن علي قال : سمعت أبا بكر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من عبد أذنب فقام فتوضأ فأحسن وضوءه ، ثم قام فصلى واستغفر من ذنبه إلا كان حقا على الله أن يغفر له ، لأن الله يقول { ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما } " .

وأخرج أبو يعلى والطبراني وابن مردويه عن أبي الدرداء قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس وجلسنا حوله ، وكانت له حاجة فقام إليها وأراد الرجوع ترك نعليه في مجلسه أو بعض ما يكون عليه ، وأنه قام فترك نعليه ، فأخذت ركوة من ماء فاتبعته ، فمضى ساعة ثم رجع ولم يقض حاجته ، فقال : " إنه أتاني آت من ربي فقال : إنه { من يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما } فأردت أن أبشر أصحابي . قال أبو الدرداء : وكانت قد شقت على الناس التي قبلها ( من يعمل سوءا يجز به ) ( النساء الآية 123 ) فقلت : يا رسول الله وإن زنى وإن سرق ثم استغفر ربه غفر الله له ؟ قال : نعم . قلت : الثانية . . . قال نعم . قلت : الثالثة . . . قال : نعم . على رغم أنف عويمر " .