فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَٱسۡتَغۡفِرِ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (106)

{ واستغفر الله } أمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالاستغفار ، قال ابن جرير : إن المعنى استغفر الله من ذنبك في خصامك للخائنين ، وقيل المعنى واستغفر الله للمذنبين من أمتك والمخاصمين بالباطل والأول أرجح { إن الله كان غفورا رحيما } .

وقد تمسك بهذه الآية من يرى جواز صدور الذنب من الأنبياء وقالوا لم يقع منه صلى الله عليه وسلم ذنب لما أمر بالاستغفار ، والجواب عنه بوجوه ذكرها الخازن في تفسيره{[537]} .


[537]:لا شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يتحدث أو يعمل كرسول، أي مبلغا أو داعيا فهو معصوم، أما إذا كان يتحدث أو يعمل من عند نفسه في الأمور العامة التي ليست جزاءا من الرسالة فهو بشر، يمكن أن يخطئ، ويغلب أن يصيب، وقد وضح الرسول ذلك بقوله في الحديث الذي رواه رافع ابن خديج "إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشيء من أمر دينكم فخذوا به وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فأنا بشر" وكان الصحابة يفرقون بين محمد النبي ومحمد الإنسان، يتضح ذلك في المثال الذي حدث في غزوة بدر، فإن الرسول اختار مكانا ليهيئ فيه جنده للقتال، فسأله أحدهم: هل هذا الاختيار وحي من الله أو اجتهاد من عندك؟ فأجابه صلى الله عليه وسلم: بل هو اجتهاد من عندي، فقال الرجل هناك مكان أصلح من هذا، فانتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إليه.