الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلۡمِرۡصَادِ} (14)

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله : { إن ربك لبالمرصاد } قال : يسمع ويرى .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن { إن ربك لبالمرصاد } قال : بمرصاد أعمال بني آدم .

وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن مسعود في قوله : { والفجر } قال : قسم ، وفي قوله : { إن ربك لبالمرصاد } من وراء الصراط جسور : جسر عليه الأمانة وجسر عليه الرحم وجسر عليه الرب عزّ وجلّ .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو نصر السجزي في الإِبانة عن الضحاك قال : إذا كان يوم القيامة يأمر الرب بكرسيه فيوضع على النار فيستوي عليه ثم يقول : أنا الملك الديان وعزتي وجلالي لا يتجاوز اليوم ذو مظلمة بظلامته ولو ضربة بيد فذلك قوله : { إن ربك لبالمرصاد } .

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن سالم بن أبي الجعد في قوله : { إن ربك لبالمرصاد } قال : إن لجهنم ثلاث قناطر : قنطرة فيها الأمانة وقنطرة فيها الرحم ، وقنطرة فيها لرب تبارك وتعالى ، وهي المرصاد لا ينجو منها إلا ناجٍ ، فمن نجا من ذلك لم ينج من هذه .

وأخرج ابن جرير عن عمرو بن قيس قال : بلغني أن على جهنم ثلاث قناطر : قنطرة عليها الأمانة إذا مروا بها تقول يا رب هذا أمين ، هذا خائن . وقنطرة عليها الرحم إذا مروا بها تقول يا رب هذا واصل يا رب ، هذا قاطع . وقنطرة عليها الرب { إن ربك لبالمرصاد } .

وأخرج ابن أبي حاتم عن أيفع بن عبد الكلاعي قال : إن لجهنم سبع قناطر ، والصراط عليهن ، فيحبس الخلائق عند القنطرة الأولى فيقول : قفوهم إنهم مسؤلون ، فيحاسبون على الصلاة ، ويسألون عنها ، فيهلك فيها من هلك وينجو من نجا ، فإذا بلغوا القنطرة الثانية حوسبوا على الأمانة كيف أدوها وكيف خانوها ، فيهلك من هلك وينجو من نجا ، فإذا بلغوا القنطرة الثالثة سئلوا عن الرحم كيف وصلوها وكيف قطعوها ، فيهلك من هلك وينجو من نجا . والرحم يومئذ متدلية إلى الهوى في جهنم تقول : اللهم من وصلني فصله ، ومن قطعني فاقطعه . وهي التي يقول الله : { إن ربك لبالمرصاد } .

وأخرج الطبراني عن أبي أمامة رفعه : إن في جهنم جسراً له سبع قناطر على أوسطه القضاء ، فيجاء بالعبد حتى إذا انتهى إلى القنطرة الوسطى قيل له : ماذا عليك من الديون ؟ وتلا هذه الآية { ولا يكتمون الله حديثاً } [ النساء : 42 ] فيقول : رب علي كذا وكذا فيقال له : اقض دينك . فيقول : ما لي شيء . فيقال : خذوا من حسناته ، فلا يزال يؤخذ من حسناته حتى ما يبقى له حسنة . فيقال : خذوا من سيئات من يطلبه فركبوا عليه .

وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن مقاتل بن سليمان قال : أقسم الله { إن ربك لبالمرصاد } يعني الصراط ، وذلك أن جسر جهنم عليه سبع قناطر على كل قنطرة ملائكة قيام وجوههم مثل الجمر ، وأعينهم مثل البرق ، يسألون الناس في أول قنطرة عن الإِيمان ، وفي الثانية يسألونهم عن الصلوات الخمس ، وفي الثالثة يسألونهم عن الزكاة ، وفي الرابعة يسألونهم عن شهر رمضان ، وفي الخامسة يسألونهم على الحج ، وفي السادسة يسألونهم عن العمرة ، وفي السابعة يسألونهم عن المظالم فمن أتى بما سئل عنه كما أمر جاز على الصراط ، وإلا حبس ، فذلك قوله : { إن ربك لبالمرصاد } .