اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلۡمِرۡصَادِ} (14)

قوله : { إِنَّ رَبَّكَ لبالمرصاد } ، أي : يرصد عمل كل إنسان ، حتى يجازيه به .

قال الحسن وعكرمة : والمِرْصادَ : كالمرصد ، وهو : المكان الذي يترقب فيه الرَّصد{[60135]} ، جمع راصد كحرس ، فالمرصاد «مفعال » من : «رصده » ، كميقات من وقته ، قاله الزمخشري{[60136]} .

وجوَّز ابنُ عطيَّة في المرصاد{[60137]} : أن يكون اسم فاعل ، قال : كأنه قيل : «لبالراصد » ، فعبر ببناء المبالغة .

ورده أبو حيَّان{[60138]} : بأنه لو كان كذلك لم تدخل عليه الباء ، إذ ليس هو في موضع دخولها ، لا زائدة ، ولا غير زائدة .

قال شهابُ الدِّين{[60139]} : قد وردت زيادتها في خبر : «إنَّ » كهذه الآية ؛ وفي قول امرئ القيس : [ الطويل ]

5203- . . . *** فإنَّكَ ممَّا أحْدثَتْ بالمُجرِّبِ{[60140]}

إلاَّ أنَّ هذه ضرورة ، لا يقاس عليه الكلام ، فضلاً عن أفصحه .

فصل

تقدم الكلام في : «المرصاد » ، عند قوله : { كَانَتْ مِرْصَاداً } [ النبأ : 21 ] ، وهذا مثلٌ لإرصاده العصاة بالعقاب بأنهم لا يفوتونه ، كما قيل لبعض العرب : أين ربك ؟ قال : بالمرصاد .

وقال الفراء : معناه : إليه المصير .

وقال الزجاج : يرصد من كفر به وعاند طاعته بالعذاب .

وقال الضحاك : يرصد أهل الظلم ، والمعصية .


[60135]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/572) عن الحسن. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/585) وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم.
[60136]:ينظر: الكشاف 4/748.
[60137]:المحرر الوجيز 5/479.
[60138]:البحر المحيط 8/465.
[60139]:الدر المصون 6/520.
[60140]:تقدم.