فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَتۡكُم مَّوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَشِفَآءٞ لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٞ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ} (57)

قوله : { يا أيها الناس قَدْ جَاءتْكُمْ مَوْعِظَة مّن رَبّكُمْ } يعني : القرآن فيه ما يتعظ به من قرأه وعرف معناه ، والوعظ في الأصل : هو : التذكير بالعواقب سواء كان بالترغيب أو الترهيب ، والواعظ هو كالطبيب ينهى المريض عما يضرّه ، ومِنْ في { مّن ربّكُمْ } متعلقة بالفعل ، وهو { جاءتكم } ، فتكون ابتدائية ، أو متعلقة بمحذوف ، فتكون تبعيضية { وَشِفَاء لِمَا فِي الصدور } من الشكوك التي تعتري بعض المرتابين ، لوجود ما يستفاد منه فيه من العقائد الحقة ، واشتماله على تزييف العقائد الباطلة ، والهدى : الإرشاد لمن اتبع القرآن ، وتفكر فيه ، وتدبر معانيه إلى الطريق الموصلة إلى الجنة ، والرحمة : هي ما يوجد في الكتاب العزيز من الأمور التي يرحم الله بها عباده ، فيطلبها من أراد ذلك حتى ينالها ، فالقرآن العظيم مشتمل على هذه الأمور .

/خ58