فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلَبِثُواْ فِي كَهۡفِهِمۡ ثَلَٰثَ مِاْئَةٖ سِنِينَ وَٱزۡدَادُواْ تِسۡعٗا} (25)

{ وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثلاثمائة سنين وازدادوا تِسْعًا } قرأ الجمهور بتنوين مائة ونصب سنين ، فيكون سنين على هذه القراءة بدلاً أو عطف بيان . وقال الفراء وأبو عبيدة والزجاج والكسائي : فيه تقديم وتأخير ، والتقدير سنين ثلثمائة ، ورجح الأوّل أبو عليّ الفارسي . وقرأ حمزة والكسائي بإضافة مائة إلى سنين ، وعلى هذه القراءة تكون سنين تمييزاً على وضع الجمع موضع الواحد في التمييز كقوله تعالى :

{ بالأخسرين أعمالا } [ الكهف : 103 ] قال الفراء : ومن العرب من يضع سنين موضع سنة . قال أبو علي الفارسي : هذه الأعداد التي تضاف في المشهور إلى الآحاد نحو ثلاثمائة رجل وثوب قد تضاف إلى المجموع وفي مصحف عبد الله ( ثلاثمائة سنة ) . وقال الأخفش : لا تكاد العرب تقول مائة سنين . وقرأ الضحاك ( ثلاثمائة سنون ) بالواو . وقرأ الجمهور ( تسعاً ) بكسر التاء . وقرأ أبو عمرو بفتحها ، وهذا إخبار من الله سبحانه بمدّة لبثهم . قال ابن جرير : إن بني إسرائيل اختلفوا فيما مضى لهم من المدّة بعد الإعثار عليهم ، فقال بعضهم : إنهم لبثوا ثلاثمائة سنة وتسع سنين ، فأخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن هذه المدّة في كونهم نياماً ، وأن ما بعد ذلك مجهول للبشر ، فأمر الله أن يردّ علم ذلك إليه ، فقال : { قُلِ الله أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا } .

/خ26