قوله : { وكذلك أَعثرنا عَلَيْهِمْ } أي : وكما أنمناهم وبعثناهم ، أعثرنا عليهم ، أي : أطلعنا الناس عليهم وسمي الإعلام : إعثاراً ، لأن من كان غافلاً عن شيء فعثر به نظر إليه وعرفه ، فكان الإعثار سبباً لحصول العلم . { لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ } أي : ليعلم الذين أعثرهم الله عليهم أن وعد الله بالبعث حق . قيل : وكان ملك ذلك العصر ممن ينكر البعث ، فأراه الله هذه الآية . قيل : وسبب الإعثار عليهم أن ذلك الرجل الذي بعثوه بالورق ، وكانت من ضربة دقيانوس إلى السوق ، لما اطلع عليها أهل السوق اتهموه بأنه وجد كنزاً ، فذهبوا به إلى الملك ، فقال له : من أين وجدت هذه الدراهم ؟ قال : بعت بها أمس شيئاً من التمر ، فعرف الملك صدقه ، ثم قصّ عليه القصة فركب الملك وركب أصحابه معه حتى وصلوا إلى الكهف { وَأَنَّ الساعة لاَ رَيْبَ فِيهَا } أي : وليعلموا أن القيامة لا شكّ في حصولها ، فإن من شاهد حال أهل الكهف علم صحة ما وعد الله به من البعث { إِذْ يتنازعون بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ } الظرف متعلق بأعثرنا أي : أعثرنا عليهم وقت التنازع والاختلاف بين أولئك الذين أعثرهم الله في أمر البعث ، وقيل : في أمر أصحاب الكهف في قدر مكثهم ، وفي عددهم ، وفيما يفعلونه بعد أن اطلعوا عليهم { فَقَالُوا ابنوا عَلَيْهِمْ بنيانا } لئلا يتطرق الناس إليهم ، وذلك أن الملك وأصحابه لما وقفوا عليهم وهم أحياء أمات الله الفتية ، فقال بعضهم : ابنوا عليهم بنياناً يسترهم عن أعين الناس . ثم قال سبحانه حاكياً لقول المتنازعين فيهم وفي عددهم ، وفي مدّة لبثهم ، وفي نحو ذلك مما يتعلق بهم { ربُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ } من هؤلاء المتنازعين فيهم ، قالوا ذلك تفويضاً للعلم إلى الله سبحانه ، وقيل : هو من كلام الله سبحانه ، ردّاً لقول المتنازعين فيهم ، أي : دعوا ما أنتم فيه من التنازع ، فإني أعلم بهم منكم ، وقيل : إن الظرف في { إِذْ يتنازعون } متعلق بمحذوف هو أذكر ، ويؤيده أن الإعثار ليس في زمن التنازع بل قبله ، ويمكن أن يقال : إن أولئك القوم ما زالوا متنازعين فيما بينهم قرناً بعد قرن ، منذ أووا إلى الكهف إلى وقت الإعثار ، ويؤيد ذلك أن خبرهم كان مكتوباً على باب الغار ، كتبه بعض المعاصرين لهم من المؤمنين الذين كانوا يخفون إيمانهم كما قاله المفسرون { قَالَ الذين غَلَبُوا على أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا } ذكر اتخاذ المسجد يشعر بأن هؤلاء الذين غلبوا على أمرهم هم المسلمون ، وقيل : هم أهل السلطان ، والملك من القوم المذكورين فإنهم الذين يغلبون على أمر من عداهم ، والأوّل أولى . قال الزجاج : هذا يدل على أنه لما ظهر أمرهم غلب المؤمنون بالبعث والنشور .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.