فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَـٰٓأَبَتِ إِنِّيٓ أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٞ مِّنَ ٱلرَّحۡمَٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيۡطَٰنِ وَلِيّٗا} (45)

ثم بين له الباعث على هذه النصائح فقال : { يا أبت إِنّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مّنَ الرحمن } قال الفراء : معنى أخاف هنا : أعلم . وقال الأكثرون : إن الخوف هنا محمول على ظاهره ، لأن إبراهيم غير جازم بموت أبيه على الكفر ، إذ لو كان جازماً بذلك لم يشتغل بنصحه ، ومعنى الخوف على الغير : هو أن يظنّ وصول الضرر إلى ذلك الغير { فَتَكُونَ للشيطان وَلِيّاً } أي إنك إذا أطعت الشيطان كنت معه في النار واللعنة ، فتكون بهذا السبب موالياً ، أو تكون بسبب موالاته في العذاب معه ، وليس هناك ولاية حقيقية لقوله سبحانه :

{ الأخلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } [ الزخرف : 67 ] . وقيل : الوليّ بمعنى التالي . وقيل : الوليّ بمعنى القريب ، أي تكون للشيطان قريباً منه في النار ، فلما مرّت هذه النصائح النافعة والمواعظ المقبولة بسمع آزر قابلها بالغلظة والفظاظة والقسوة ، ف{ قَال أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يا إبراهيم } .

/خ50