{ فَكُلِي واشربي } أي من ذلك الرطب وذلك الماء ، أو من الرطب وعصيره ، وقدّم الأكل مع أن ذكر النهر مقدّم على الرطب ، لأن احتياج النفساء إلى أكل الرطب أشدّ من احتياجها إلى شرب الماء ، ثم قال : { وَقَرّي عَيْناً } قرأ الجمهور بفتح القاف . وحكى ابن جرير أنه قرئ بكسرها ، قال : وهي لغة نجد . والمعنى : طيبي نفساً وارفضي عنك الحزن ، وهو مأخوذ من القرّ والقرّة وهما البرد ، والمسرور بارد القلب ساكن الجوارح . وقيل : المعنى : وقرّي عيناً برؤية الولد الموهوب لك . وقال الشيباني : معناه : نامي . قال أبو عمرو : أقرّ الله عينه ، أي : أنام عينه وأذهب سهره { فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ البشر أَحَداً } أصله : ترأيين : مثل تسمعين خففت الهمزة وسقطت النون للجزم وياء الضمير للساكنين بعد لحوق نون التوكيد ، ومثل هذا مع عدم لحوق نون التوكيد قول ابن دريد :
أما ترى رأسي حاكى لونه *** طرة صبح تحت أذيال الدجى
وقرأ طلحة وأبو جعفر وشيبة " ترين " بسكون الياء وفتح النون مخففة . قال أبو الفتح : وهي شاذة ، وجواب الشرط { فَقُولِي إِنّي نَذَرْتُ للرحمن صَوْماً } أي قولي إن طلب منك الكلام أحد من الناس إني نذرت للرحمن صوماً أي صمتاً وقيل : المراد به : الصوم الشرعي ، وهو الإمساك عن المفطرات ، والأوّل أولى . وفي قراءة أبيّ : ( إني نذرت للرحمن صوماً صمتاً ) بالجمع بين اللفظين ، وكذا روي عن أنس . وروي عنه أنه قرأ : «صوماً وصمتاً » بالواو ، والذي عليه جمهور المفسرين أن الصوم هنا : الصمت ، ويدل عليه { فَلَنْ أُكَلّمَ اليوم إِنسِيّاً } ومعنى الصوم في اللغة : أوسع من المعنيين . قال أبو عبيدة : كل ممسك عن طعام أو كلام أو سير فهو صائم . وقراءة أبيّ تدل على أن المراد بالصوم هنا الصمت ، لأنه تفسير للصوم . وقراءة أنس تدل على أن الصوم هنا غير الصمت كما تفيده الواو . ومعنى { فَلَنْ أُكَلّمَ اليوم إِنسِيّاً } أنها لا تكلم أحداً من الإنس بعد إخبارهم بهذا الخبر ، بل إنما تكلم الملائكة وتناجي ربها وقيل : إنها لم تخبرهم هنا باللفظ ، بل بالإشارة المفيدة للنذر .
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : { انتبذت مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِياً } قال : مكاناً أظلها الشمس أن يراها أحد منهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.