فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ مُوسَىٰٓۚ إِنَّهُۥ كَانَ مُخۡلَصٗا وَكَانَ رَسُولٗا نَّبِيّٗا} (51)

قفّى سبحانه قصة إبراهيم بقصة موسى لأنه تلاه في الشرف . وقدّمه على إسماعيل لئلا يفصل بينه وبين ذكر يعقوب ، أي واقرأ عليهم من القرآن قصة موسى { إِنَّهُ كَانَ مُخْلِصاً } قرأ أهل الكوفة بفتح اللام ، أي جعلناه مختاراً وأخلصناه ، وقرأ الباقون بكسرها ، أي أخلص العبادة والتوحيد لله غير مراء للعباد { إِنَّهُ كَانَ رَسُولاً نبياً } أي أرسله الله إلى عباده فأنبأهم عن الله بشرائعه التي شرعها لهم ، فهذا وجه ذكر النبيّ بعد الرسول مع استلزام الرسالة للنبوّة ، فكأنه أراد بالرسول معناه اللغوي لا الشرعي ، والله أعلم . وقال النيسابوري : الرسول الذي معه كتاب من الأنبياء ، والنبيّ الذي ينبئ عن الله عزّ وجلّ وإن لم يكن معه كتاب ، وكان المناسب ذكر الأعمّ قبل الأخص ، إلا أن رعاية الفاصلة اقتضت عكس ذلك كقوله في طه : { رَبّ موسى وهارون } [ طه : 70 ] انتهى .

/خ63