فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَمَآ أُنزِلَتِ ٱلتَّوۡرَىٰةُ وَٱلۡإِنجِيلُ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِهِۦٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (65)

لما ادّعت كل واحدة من طائفتي اليهود والنصارى أن إبراهيم عليه السلام كان على دينهم ردّ الله سبحانه ذلك عليهم ، وأبان بأن الملة اليهودية ، والملة النصرانية إنما كانتا من بعده . قال الزجاج : هذه الآية أبين حجة على اليهود ، والنصارى أن التوراة ، والإنجيل نزلا من بعده ، وليس فيهما اسم لواحد من الأديان ، واسم الإسلام في كل كتاب . انتهى . وفيه نظر ، فإن الإنجيل مشحون بالآيات من التوراة ، وذكر شريعة موسى ، والاحتجاج بها على اليهود ، وكذلك الزبور فيه في مواضع ذكر شريعة موسى ، وفي أوائله التبشير بعيسى ، ثم في التوراة ذكر كثير من الشرائع المتقدّمة ، يعرف هذا كل من عرف هذه الكتب المنزلة . وقد اختلف في قدر المدّة التي بين إبراهيم وموسى ، والمدّة التي بين موسى ، وعيسى . قال القرطبي : يقال : كان بين إبراهيم ، وموسى ألف سنة ، وبين موسى ، وعيسى ألفا سنة . وكذا في الكشاف . قوله : { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } أي : تتفكرون في دحوض حجتكم ، وبطلان قولكم .

/خ68