الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَمَآ أُنزِلَتِ ٱلتَّوۡرَىٰةُ وَٱلۡإِنجِيلُ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِهِۦٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (65)

قوله : ( يَأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ ) [ 65 ] هذا خطاب لليهود والنصارى ولأنهم( {[10150]} ) ادعاه كل فريق منهم ، وأنه على دينهم فرد الله ذلك عليهم ، وأراهم المناقضة فيما يدعون لأن اليهود تدعي أنه على ما في التوراة دينه ، والنصارى تدعي أنه على ما في الإنجيل دينه ، وفي الكتابين إنما أنزل( {[10151]} ) بعد إبراهيم صلى الله عليه وسلم فهذا تناقض أن يكون دينه على شيء لم يكن بعده( {[10152]} ) .

وذلك أن نصارى نجران وأحبار يهود اجتمعوا على النبي صلى الله عليه وسلم فتنازعوا في أمر إبراهيم صلى الله عليه وسلم ، فادعاه كل فريق منهم ، فأنزل الله ذلك يعلمهم أن اليهودية والنصرانية إنما حدثت( {[10153]} ) بعد إبراهيم فكيف يكون على دين لم يكن ، ولا أوله أن يكون( {[10154]} ) ، فذلك جهل عظيم( {[10155]} ) ، ولذلك قال تعالى : ( أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ) ( {[10156]} ) .


[10150]:- كدا في كل النسخ وهو خطأ صوابه "ولأنه" والضمير يعود على إبراهيم.
[10151]:- (ب) (د): نزل.
[10152]:- ... لم يكن بعده، كذا في كل النسخ وهي جملة تؤيد الخصم في دعواه، والصواب لم يكن قبله ويؤيد هذا التصحيح ما بعده ولعل الصواب "أن يكون دينه على شيء لم يكن، وكان بعده.
[10153]:- (د): حدثنا.
[10154]:- كذا في كل النسخ.
[10155]:- (د): وكذلك.
[10156]:- هذا توبيخ على استحالة مقالتهم وتنبيه على ما يظهر به غلطهم ومكابرتهم، والآية مُبينة فساد هذه الدعاوى، ولما كان الدليل عقلياً قال أفلا تعقلون. انظر: المحرر 3/116، والبحر 2/484.