فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قُل لَّا تُسۡـَٔلُونَ عَمَّآ أَجۡرَمۡنَا وَلَا نُسۡـَٔلُ عَمَّا تَعۡمَلُونَ} (25)

ثم أردف سبحانه هذا الكلام المنصف بكلام أبلغ منه في الإنصاف ، وأبعد من الجدل والمشاغبة ، فقال : { قُل لاَّ تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ } أي إنما أدعوكم إلى ما فيه خير لكم ونفع ، ولا ينالني من كفركم ، وترككم لإجابتي ضرر ، وهذا كقوله سبحانه : { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ } [ الكافرون : 6 ] ، وفي إسناد الجرم إلى المسلمين ، ونسبة مطلق العمل إلى المخاطبين ، مع كون أعمال المسلمين من البرّ الخالص ، والطاعة المحضة ، وأعمال الكفار من المعصية البينة ، والإثم الواضح من الإنصاف ما لا يقادر قدره . والمقصود : المهادنة والمتاركة ، وقد نسخت هذه الآية ، وأمثالها بآية السيف .

/خ27