فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن نُّؤۡمِنَ بِهَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ وَلَا بِٱلَّذِي بَيۡنَ يَدَيۡهِۗ وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلظَّـٰلِمُونَ مَوۡقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمۡ يَرۡجِعُ بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٍ ٱلۡقَوۡلَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ لَوۡلَآ أَنتُمۡ لَكُنَّا مُؤۡمِنِينَ} (31)

ثم ذكر سبحانه طرفاً من قبائح الكفار ، ونوعاً من أنواع كفرهم ، فقال : { وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لَن نُّؤْمِنَ بهذا القرءان وَلاَ بالذى بَيْنَ يَدَيْهِ } وهي الكتب القديمة ، كالتوراة والإنجيل والرسل المتقدّمون . وقيل : المراد بالذي بين يديه الدار الآخرة . ثم أخبر سبحانه عن حالهم في الآخرة ، فقال : { وَلَوْ ترى إِذِ الظالمون مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبّهِمْ } الخطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم ، أو لكل من يصلح له ، ومعنى { موقوفون عند ربهم } : محبوسون في موقف الحساب { يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ القول } أي يتراجعون الكلام فيما بينهم باللوم والعتاب ، بعد أن كانوا في الدنيا متعادضين متناصرين متحابين . ثم بيّن سبحانه تلك المراجعة ، فقال : { يَقُولُ الذين استضعفوا } وهم الأتباع { لِلَّذِينَ استكبروا } وهم الرؤساء المتبوعون { لَوْلاَ أَنتُمْ } صددتمونا عن الإيمان بالله ، والاتباع لرسوله { لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ } بالله مصدّقين لرسوله وكتابه .

/خ33