فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قَالُوٓاْ إِنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَأۡتُونَنَا عَنِ ٱلۡيَمِينِ} (28)

{ قَالُواْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ اليمين } أي كنتم تأتوننا في الدنيا عن اليمين ، أي من جهة الحقّ والدين والطاعة ، وتصدّونا عنها . قال الزجاج : كنتم تأتوننا من قبل الدين ، فتروننا أن الدين والحق ما تضلوننا به ، واليمين عبارة عن الحق ، وهذا كقوله تعالى إخباراً عن إبليس : { ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أيمانهم } [ الأعراف : 17 ] قال الواحدي : قال أهل المعاني : إن الرّؤساء كانوا قد حلفوا لهؤلاء الأتباع أن ما يدعونهم إليه هو الحق ، فوثقوا بأيمانهم : فمعنى { تَأْتُونَنَا عَنِ اليمين } أي من ناحية الأيمان التي كنتم تحلفونها فوثقنا بها . قال : والمفسرون على القول الأوّل . وقيل المعنى : تأتوننا عن اليمين التي نحبها ، ونتفاءل بها ، لتغرّونا بذلك عن جهة النصح ، والعرب تتفاءل بما جاء عن اليمين ، وتسميه السانح . وقيل : اليمين بمعنى القوّة ، أي : تمنعوننا بقوّة ، وغلبة ، وقهر كما في قوله : { فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً باليمين } [ الصافات : 93 ] أي : بالقوّة ، وهذه الجملة مستأنفة جواب سؤال مقدّر ، وكذلك جملة { قَالُواْ بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } .

/خ49