فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱذۡكُرۡ عِبَٰدَنَآ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ أُوْلِي ٱلۡأَيۡدِي وَٱلۡأَبۡصَٰرِ} (45)

{ واذكر عِبَادَنَا إبراهيم وإسحاق وَيَعْقُوبَ } قرأ الجمهور { عبادنا } بالجمع . وقرأ ابن عباس ، ومجاهد ، وحميد ، وابن محيصن ، وابن كثير : " عبدنا " بالإفراد . فعلى قراءة الجمهور يكون إبراهيم ، وإسحاق ويعقوب عطف بيان ، وعلى القراءة الأخرى يكون إبراهيم عطف بيان ، وما بعده عطف على عبدنا لا على إبراهيم . وقد يقال : لما كان المراد بعبدنا الجنس جاز إبدال الجماعة منه . وقيل : إن إبراهيم ، وما بعده بدل ، أو النصب بإضمار أعني ، وعطف البيان أظهر ، وقراءة الجمهور أبين ، وقد اختارها أبو عبيد ، وأبو حاتم { أُوْلِى الأيدي والأبصار } الأيدي ، جمع اليد التي بمعنى : القوّة والقدرة . قال قتادة : أعطوا قوّة في العبادة ، ونصراً في الدين . قال الواحدي : وبه قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، والمفسرون . قال النحاس : أما الأبصار ، فمتفق على أنها البصائر في الدين والعلم . وأما الأيدي ، فمختلف في تأويلها ، فأهل التفسير يقولون : إنها القوّة في الدين ، وقوم يقولون : الأيدي جمع يد ، وهي النعمة ، أي : هم أصحاب النعم ، أي : الذين أنعم الله عزّ وجلّ عليهم ، وقيل : هم أصحاب النعم على الناس ، والإحسان إليهم ، لأنهم قد أحسنوا ، وقدّموا خيراً ، واختار هذا ابن جرير . قرأ الجمهور " أولي الأيدي " بإثبات الياء في الأيدي . وقرأ ابن مسعود ، والأعمش ، والحسن ، وعيسى : " الأيد " بغير ياء ، فقيل معناها : معنى القراءة الأولى ، وإنما حذفت الياء لدلالة كسرة الدال عليها ، وقيل الأيد : القوّة .

/خ54