تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ لَا يَمۡلِكُونَ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا لَهُمۡ فِيهِمَا مِن شِرۡكٖ وَمَا لَهُۥ مِنۡهُم مِّن ظَهِيرٖ} (22)

{ قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وماله منهم من ظهير( 22 ) ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير( 23 ) }

المفردات :

زعمتم : ظننتم وقلتم إنهم آلهة .

مثقال ذرة : وزن ذرة وقدرها .

وما لهم فيهما من شرك : وليس لهم من شركة في السموات ولا في الأرض .

ظهير : معين .

التفسير :

{ قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير } .

تكلمت الآيات السابقة عن داود وسليمان كنموذج للشاكرين ثم تكلمت عن قصة سبأ كنموذج للكافرين وهذه الآيات تعود على خطاب المشركين بمكة ، ومناقشتهم بشأن الأصنام التي يعبدونها أو الملائكة التي عبدوها فتقول :

قل يا محمد لهؤلاء المشركين ما دمتم مصرين على الشرك وأن الأصنام أو الملائكة لها شفاعة لكم يوم البعث فاعلموا أن الحقيقة غير ذلك وهي أن الذين تدعونهم من دون الله وجعلتموهم لله شركاء لا يملكون وزن ذرة ولا هباءة ، ولا شيئا مطلقا في هذا الكون ولم يشاركوا مع الله في خلق أي شيء لأنه غني وقادر ولا يحتاج إلى مشارك وليس الله تعالى منهم ظهير ولا معاون أي وإذا كانوا لا يملكون شيئا ولا يستطيعون جلب النفع ولا ضر فكيف يكونون آلهة تعبد ؟ وذكر السماوات والأرض للتعميم عرفا فيراد جميع الموجودات كما يقال صباحا ومساء لجميع الأوقات وشرقا وغربا لجميع الجهات والمراد نفي قدرة الشركاء على شيء من النفع أو الضر أو الإيجاد أو الإعدام .

قال الزمخشري :

يريد أنهم على هذه الصفة من العجز والبعد عن أحوال الربوبية فكيف يصح أن يدعوا كما يدعى ويرجوا كما يرجى ؟

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ لَا يَمۡلِكُونَ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا لَهُمۡ فِيهِمَا مِن شِرۡكٖ وَمَا لَهُۥ مِنۡهُم مِّن ظَهِيرٖ} (22)

قوله تعالى : { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ ( 22 ) وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ } .

الذين زعمتم من دون الله ، مفعوله الأول محذوف عائد إلى الموصول . والمفعول الثاني محذوف كذلك قامت صفته { مِنْ دُونِ اللَّهِ } مقامه ؛ أي زعمتموهم شركاء من دون الله{[3808]} .

والمعنى : قل لمشركي قريش ادعوا الذي عبدتموهم من الأصنام والملائكة والتجئوا إليهم ثم انتظروا استجابتهم لدعائكم لتروا أنهم لا يستجيبون لكم بشيء ؛ بل إنهم لا يملكون لكم نفعا ولا ضرّا . وهو قوله : { لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ } أي لا يملكون فيهما مثقال ذرة من خير أو شر أو نفع أو ضُر .

قوله : { وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ } أي ما لهم في هذي الخَلْقين ، وهما السماوات والأرض من شركة .

قوله : { وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ } أي ليس لله من معين فينصره أو يعينه على تدبير خلقه ؛ بل إنهم مخلوقون كغيرهم من الخلائق . فهم عاجزون أن يخلقوا شيئا ولو كان في زنة ذرة فكيف تدعونهم أو تتخذونهم شركاء وأندادا من دون الله .


[3808]:الدر المصون ج 9 ص 178