17- { ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم } .
في الآيات السابقة اختبار لأهل مكة ، حيث رفع الله عنهم العذاب قليلا ، فعادوا إلى تكذيبهم ، فتوعدهم الله بالبطشة الكبرى يوم بدر أو يوم القيامة أو هما معا ، وهذه الآيات تحكي قصة فرعون وملئه ، حيث اختبرهم الله بالنعمة ، وبإرسال رسول كريم ، ومعه عدد من المعجزات والآيات ، فقابلوا ذلك بالكنود والعصيان ، فعاقبهم الله بالغرق في الماء ، والهلاك والعذاب في الدنيا والآخرة .
والمراد : أن ما فعله أهل مكة من تكذيب الرسول أمر معروف مألوف في تاريخ البشرية .
ولقد اختبرنا وامتحنا قبل مشركي مكة قوم فرعون من قبط مصر ، حيث أرسلنا إليهم رسولا كريما في نفسه وفي حسبه ، فالرسل تبعث في أحساب قومها .
وفي الحديث الشريف : ( يرحم الله أخي موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر )5 .
وأصل الفتنة : وضع الذهب في النار ، امتحانا وبيانا لأصله وقيمته ، ثم أطلقت على الاختبار والابتلاء ، مثل اختبار الإنسان بالنعمة والأولاد أو الجاه والسلطان .
قال تعالى : { إنما أموالكم وأولادكم فتنة . . . } ( التغابن : 15 ) .
أي : إننا عاملنا قبط مصر وفرعون معاملة المختبر ، فأغدقنا عليهم النعم والبساتين والعيون وألوان الخيرات ، وأرسلنا إليهم رسولا كريما من أولي العزم من الرسل ، هو موسى عليه السلام .
قوله تعالى : { ولقد فتنّا قبلهم قوم فرعون وجآءهم رسول كريم 17 أ دّوا إلي عباد الله إني لكم رسول أمين 18 وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين 19 وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون 20 وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون 21 فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون 22 فأسر بعبادي ليلا إنكم متّبعون 23 واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون 24 تركوا من جنات وعيون 25 وزروع ومقام كريم 26 ونعمة كانوا فيها فاكهين 27 كذلك وأورثناها قوما آخرين 28 فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين 29 ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين 30 من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين 31 ولقد اخترناهم على علم على العالمين 32 وآتيناهم من الأيات ما فيه بلاؤ مبين } .
ذلك إخبار من الله عما نزل بفرعون وقومه المجرمين من البلاء العظيم ، بعد أن أنذرهم موسى عليه السلام وحذرهم بطش الله وشديد عقابه في الدنيا والآخرة . لكن فرعون علا في الأرض وتجبر واستكبر ، واصطنع لنفسه من فظاعة الكفر- بدعوى الألوهية- ما يثير في النفس السخط والاشمئزاز ويستوجب من الله المقت والغضب ، فأخذه الله وملأه وجنوده أخذة شديدة أليمة قطعت دابرهم بالكلية . وهو قوله سبحانه : { ولقد فتنّا قبلهم قوم فرعون } أي امتحنا وابتلينا قوم فرعون من القبط من قبل هؤلاء المشركين من قومك يا محمد فقد { جآءهم رسول كريم } أي أرسلنا إليهم رسولنا موسى وهو كريم على ربه ، إذ اختصه بالنبوة والرسالة . وقيل : كريم الأخلاق بطول الصبر والاحتمال والصفح .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.