تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ مَنَنَّا عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَٰرُونَ} (114)

قصة موسى وهارون عليهما السلام

{ ولقد مننّا على موسى وهارون ( 114 ) ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم( 115 ) ونصرناهم فكانوا هم الغالبين ( 116 ) وآتيناهما الكتاب المستبين ( 117 ) وهديناهما الصراط المستقيم ( 118 ) وتركنا عليهما في الآخرين ( 119 ) سلام على موسى وهارون ( 120 ) إن كذلك نجزي المحسنين ( 121 ) إنهما من عبادنا المؤمنين ( 122 ) }

المفردات :

مننا : أحسنّا وأنعمنا عليهما بالنبوة والنجاة والنصرة .

تفسير :

114- { ولقد مننا على موسى وهارون } .

بعد الفراغ من قصة إبراهيم وإسماعيل ، وما تضمنته من أخبار غريبة وأحداث عجيبة ومنح جزيلة ، ومواقف جليلة ، شرعت الآيات في تقديم شريحة من قصة موسى وهارون ، وصُدرت القصة بالمنة ، لإبراز فضل الله على رجلين أعزلين من السلاح والقوة ، ونجاحها في رسالتهما ، ونجاتهما من القتل والذُّلّ ، ونصرهما على فرعون وجيشه ، وفوق ذلك أعطاهما الله التوراة هدّى ونورا ، وهداهما الطريق الواضح ، وأعقبهما الذكر الحسن والثناء الجميل .

وخلاصة معنى الآية :

كانت لنا منن ونعم على موسى وهارون : بالرسالة والنبوة ، والانتصار على السحرة ، والنجاة من الظالمين ، والنجاة من الغرق ، وهلاك فرعون وجيشه ، ونجاة موسى والمؤمنين به .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ مَنَنَّا عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَٰرُونَ} (114)

ولما ذكر هؤلاء السادة الذين لهم من رتبة التجرد والنزاهة ما تقدم بيانه ، وختمهم بأخوين ما اجتمعا قط ، وكان من أعظم المقاصد بذكرهم المنة على من اتصف بمثل صفاتهم بالقرب والنصرة تسلية وترجية للنبي صلى الله عليه وسلم ولمن اتبعه من المؤمنين ممن قارب - من شدة البلاء والقهر - اليأس من النصر ، أتبعهم بأمثالهم في التجرد وابتدأهما بأخوين افترقا حين ولادة الثاني على حالة لا يمكن الاجتماع معها عادة ، ثم اجتمعا في الباطن مع الافتراق في الظاهر ثم افترقا على حالة يبعد الاجتماع معها عادة ثم اجتمعا اجتماعاً لم يفترقا منه إلا بالموت وبدأهما بأول من تجرد منهما من حين ولادته إلى أوان هجرته ، ثم من حين رجعته إلى أن جرد آله - وهم بعض ذرية إبراهيم عليه السلام - وأنقذهم من علائق الكفرة ، ثم تجرد معهم هو وأخوه عن المدن والقرى وأكثر علائق البشر ، ملازمين البراري والفلوات حيث يكثر ظهور الكلمة مع إرسال الله إليهما بمعادن الحكمة إلى أن ماتا عليهما الصلاة والسلام والتحية والإكرام ، فقال مؤكداً تنبيهاً لمن يعد نصر المؤمنين محالاً ، عاطفاً على ما تقديره : فلقد أنشأنا منهما من الأمم ما يعجز الوصف ويفوت الحصر ، ومننا على كثير منهم بالإحسان من ولد إسماعيل عليه السلام إلى أن غير دينه عمرو بن لحي ، ومن ولد إسحاق يعقوب والأسباط عليهم السلام ومن شاء الله من أولادهم : { ولقد مننا } أي أنعمنا إنعاماً مقطوعاً به بما لنا من العظمة ، على أول من أظهر لسان الصدق لإبراهيم عليه السلام وذريته اظهاراً تاماً . وبدأهما بأعرقهما - كما تقدم - في التجرد وأحقهما بالتقدم فقال : { على موسى } أحد أعيان المتجردين ، ومن له القدم الراسخ في ذلك { وهارون* } أي عين من تجرد مع أخيه ووافقه أتم موافقة ، ووازره أعظم موازرة ، بما أتيا به من النبوة والكتاب وغير ذلك من أنواع الخطاب .