تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا} (10)

المفردات :

دساها : التدسية : النقص والإخفاء .

التفسير :

9 ، 10- قد أفلح من زكّاها* وقد خاب من دسّاها .

هناك رأيان في تفسير هذه الآية :

الرأي الأول : إنها جواب القسم ، أي : أقسم بالشمس والقمر ، والنهار والليل ، والسماء والأرض والنفس ، لقد أفلح من زكّى نفسه وطهّرها ، وسما بها إلى الخير ، وحبسها عن الشر ، فأطاع الله والتزم بالصيام والصلاة وسائر الطاعات ، وابتعد عن الخمر والربا والزنا وسائر المحرمات ، ولقد خاب من غمس نفسه في الشهوات والملذات وسائر المعاصي ، فهبط بنفسه إلى الحضيض .

ومعنى : دسّاها . نقصها وغمسها وأخفاها بالفجور ، لقد أذل نفسه بالفجور ، وسترها بالمعاصي ، فعجزت عن التّطلع إلى الملأ الأعلى ، وارتكست في أنواع الشهوة والشرور ، أي أن بيد الإنسان أن يسمو بنفسه إلى الخير ، وأن يهبط بها في مستنقع الرذيلة ، والله تعالى يقسم بمخلوقاته وبمن خلقها وهو الله عز وجل ، على أن الفلاح لمن زكّى نفسه وطهرها ، وأن الخيبة لمن دسّى نفسه ، وحجبها عن الطهر والنور والتعلق بجلال الله العلي الكبير .

الرأي الثاني : هذه الآية ليست جواب القسم ، وإنما ذكرت استطرادا للقسم بالنفس وبمن سوّاها ، وجواب القسم محذوف ، دل عليه ما بعده وهو : كذّبت ثمود بطغواها . إلى آخر السورة .

وتقدير الجواب : لتبعثنّ ، أو لتكافؤنّ على الإحسان إحسانا ، وعلى السوء سوءا ، أو ليدمدمنّ الله على الظالمين في الدنيا ، وليعاقبنّهم يوم القيامة ، كما فعل بثمود حين عقرت الناقة وعتت عن أمر ربها .

قال المفسرون :

وفي القسم بهذه الكائنات حثّ للإنسان على التأمل في هذا الكون ، والتطلع إلى بديع صنع الله في خلق الشمس والقمر ، والليل والنهار ، والسماء والأرض والنفس .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا} (10)

شرح الكلمات :

{ وقد خاب } : أي خسر في الآخرة نفسه وأهله يوم القيامة .

{ من دساها } : أي دسّى نفسه إذا أخفاها وأخملها بالكفر والمعاصي وأصل دسها دسسها فأُبدلت إحدى السِينَيْن ياءً .

/د1

المعنى :

وأن من خذله الله تعالى لما له من سوابق في الشر والفساد فلم يزك نفسه بالإِيمان والعمل الصالح ودساها اي دسسها أخفاها وأخملها بما أفرغ عليها من الذنوب وما غطاها من آثار الخطايا والآثام فقد خاب بمعنى خسر في آخرته فلم يفلح فخسر نفسه وأهله وهو الخسران المبين .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا} (10)

{ وقد خاب من دساها } أي خابت وخسرت نفس أضلها الله فأفسدها . وقال الحسن : معناه قد أفلح من زكى نفسه فأصلحها وحملها على طاعة الله عز وجل ، { وقد خاب من دساها } أهلكها وأضلها وحملها على المعصية ، فجعل الفعل للنفس . و{ دساها } أصله : دسسها من التدسيس ، وهو إخفاء الشيء ، فأبدلت السين الثانية ياءً . والمعنى ها هنا : أخملها وأخفى محلها بالكفر والمعصية .

أخبرنا أبو الحسن علي بن يوسف الجويني ، أنبأنا محمد بن محمد بن علي بن محمد بن شريك الشافعي ، أنبأنا عبد الله بن محمد بن مسلم أبو بكر الجوربردي ، حدثنا أحمد بن حرب ، حدثنا أبو معاوية عن عاصم ، عن أبي عثمان وعبد الله بن الحارث ، عن زيد بن أرقم قال : " لا أقول لكم إلا ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا : اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والبخل والجبن والهرم وعذاب القبر ، اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها ، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن دعوة لا يستجاب لها " .