تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَجَعَلَهُۥ غُثَآءً أَحۡوَىٰ} (5)

المفردات :

أخرج المرعى : أنبت العشب رطبا غضا .

فجعله غثاء : يابسا هشيما من بعد كالغثاء ، والغثاء ما يحمله السيل من البالي من ورق الشجر مخالطا زبده .

التفسير :

4 ، 5- والذي أخرج المرعى* فجعله غثاء أحوى .

والذي أخرج المرعى .

هو الذي أخرج النبات والبرسيم ، والحب والزيتون والنخل ، وكل هذه مرعى للحيوان أو الإنسان أو الطيور أو الزواحف أو غير ذلك ، فالذرة إذا كانت صغيرة فهي مرعى للحيوان ، وإذا كانت حبا فهي مرعى للإنسان ، وقد أودع الله في الأرض أرزاقها ليتم إعمار هذا الكون ورعايته وحفظه .

فجعله غثاء أحوى .

فجعله يابسا جافا ، وأحوى . أسود يضرب إلى الخضرة .

إن حركة النبات عند بروزه صغيرا كأنه أطفال صغار ، ثم نموّه واخضراره وازدهاره ، ثم اصفراره ونهايته ، كل هذا يذكّر الإنسان بحياته التي تمر بالطفولة إلى الشباب ، ثم إلى الكهولة والموت ، فلكل بداية نهاية ، وكذلك الدنيا .

قال تعالى : واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا . ( الكهف : 45 ) .

والمقصود من الآيات بيان دلائل القدرة ، وأنواع النعم التي يغمرنا الله بها ، وتستحق النظر والتأمل وتسبيح العلي القدير .

قال ابن كثير :

والذي أخرج المرعى . أي : من جميع صنوف النباتات والزروع .

فجعله غثاء أحوى . قال ابن عباس : هشيما متغيّرا . اه .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{فَجَعَلَهُۥ غُثَآءً أَحۡوَىٰ} (5)

شرح الكلمات :

{ فجعله غثاء أحوى } : أي بعد الخضرة والنضرة هشيما يابسا أسود .

المعنى :

{ فجعله غثاء أحوى } أي فجعله بعد الخضرة والنضرة هشيما متفرقا يابسا بين سواد وبياض وهي الحوّة هذه خمس آيات الآية الأولى تضمنت الأمر بتنزيه اسم الله والأربع بعدها في التعريف به سبحانه وتعالى حتى يعظم اسمه وتعظم ذاته وتنه عن الشريك والصاحبة والولد .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَجَعَلَهُۥ غُثَآءً أَحۡوَىٰ} (5)

ولما كان إيباسه وتسويده بعد اخضراره {[72842]}ونموه{[72843]} في غاية الدلالة على تمام القدرة وكمال الاختيار بمعاقبة الأضداد على الذات الواحدة قال تعالى : { فجعله } أي بعد أطوار من زمن إخراجه { غثاء } أي كثيراً ، ثم أنهاه فأيبسه وهشمه ومزقه فجمع السيل بعضه إلى بعض فجعله زبداً وهالكاً وبالياً وفتاتاً على وجه-{[72844]} الأرض { أحوى * } أي في غاية الري حتى صار أسود يضرب إلى خضرة ، أو أحمر يضرب إلى سواد ، أو اشتدت خضرته فصارت تضرب إلى سواد ، وقال القزاز رحمه الله في ديوانه : الحوة شية من شيات الخيل ، وهى بين الدهمة والكمتة ، وكثر هذا حتى سموا كل أسود أحوى - انتهى . فيجوز أن يريد حينئذ أنه أسود من شدة يبسه فحوته الرياح وجمعته من كل أوب حيت تفتت ، فكل من الكلمتين فيها حياة وموت ، وأخر الثانية لتحملهما{[72845]} لأن دلالتها على الخضرة أتم ، فلو قدمت لم تصرف إلى غيرها ، فدل جمعه بين الأضداد على الذات الواحدة على كمال الاختيار ، وأما الطبائع فليس لها من {[72846]}التأثير الذي{[72847]} أقامها سبحانه فيه إلا الإيجابي كالنار متى أصابت شيئاً أحرقته ، ولا تقدر بعد ذلك أن تنقله إلى صفة أخرى غير التي{[72848]} أثرتها فيه ، وأشار بالبداية والنهاية إلى تذكر ذلك ، وأنه على سبيل التكرار في كل عام الدال على بعث الخلائق ، وخص المرعى لأنه أدل على البعث لأنه مما ينبته الناس ، وإذا انتهى تهشم وتفتت وصار تراباً ، ثم يعيده سبحانه بالماء على ما كان عليه سواء-{[72849]} كما يفعل بالأموات سواء - من غير فرق أصلاً .


[72842]:من ظ و م، وفي الأصل: فهو.
[72843]:من ظ و م، وفي الأصل: فهو.
[72844]:زيد من ظ و م.
[72845]:من ظ و م، وفي الأصل: ليحتملها.
[72846]:من م، وفي الأصل و ظ: التأثيرات التي.
[72847]:من م، وفي الأصل و ظ: التأثيرات التي.
[72848]:في ظ: الذي.
[72849]:زيد من ظ و م.