تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَن رَّءَاهُ ٱسۡتَغۡنَىٰٓ} (7)

المفردات :

كلا : للزجر والردع .

ليطغى : يتجاوز حدود ما شرع فيكفر ويظلم .

أن رآه استغنى : أي بسبب غناه أبطرته النعم .

الرجعى : الرجوع والمصير إلى الله .

التفسير :

6 ، 7 ، 8- كلاّ إنّ الإنسان ليطغى* أن رآه استغنى* إنّ إلى ربك الرجعى .

حقا إن الإنسان ليتعاظم ويتكبّر ، ويأخذه الغرور والفخر إذا أحس بالاستغناء ، أي بالوفرة في صحته وماله وتراثه ، ويوشك أن يكرر ما قاله قارون : إنما أوتيه على علم عندي . . . ( القصص : 78 ) .

أيها الإنسان الذي خلقه الله من نطفة ، وعلّمه ما لم يكن يعلم ، وأسدى إليه الفضل وسائر النعم ، إنك راجع إلى الله فيجازيك بعملك ، وستجد عملك شاخصا بين يديك ، وكتابك لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ، إلا أحصاها .

وفي الآيات تهديد ووعيد لكل عات متجبر ، مغرور بالغنى والجاه ، وهي في نفس الوقت خطاب لكل إنسان بأنه راجع إلى ربه ، وسيعرض عليه بلا حاجز ولا ترجمان ، يوم يقوم الناس لرب العالمين ، فليقدم خيرا لذلك اليوم .

وقد ذكر المفسرون أنه ورد الحديث الصحيح أن أبا جهل حلف باللات والعزّى لئن محمد صلى الله عليه وسلم يصلي ليطأنّ على رقبته وليعفّرنّ وجهه ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ليفعل ، فما فجأهم إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه ، فقيل له : ما لك ؟ فقال : إن بيني وبينه خندقا من نار وهولا وأجنحة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا ) .

والآية بعد ذلك عامة لكل من تنطبق عليه ، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{أَن رَّءَاهُ ٱسۡتَغۡنَىٰٓ} (7)

شرح الكلمات :

{ أن رآه استغنى } : أي عندما يرى نفسه قد استغنى بما له أو ولده أو سلطانه .

المعنى :

إذا رأى نفسه قد استغنى بماله أو ولده أو سلطانه أو بالكُلِّ وما أصبح في حاجة إلى غيره يطغى

فيتجاوز حدّ الآداب والعدل والحق والعرف فيتكبر ويظلم ويمنع الحقوق ويحتقر الضعفاء ويسخر بغيره . وأبو جهل كان مضرب المثل في هذا الوصف وصف الطغيان ، حتى قيل : إنه فرعون هذه الأمة ، وها هو ذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في المسجد الحرام خلف المقام فيأتيه هذا الطاغية ويهدده ويقول له : لقد نهيتك عن الصلاة هنا فلا تعد ، ويقول له : إن وجدتك مرة أخرى آخذ بناصيتك وأسحبك على الأرض ، فينزل الله تعالى هذه الآيات { كلا إن الإِنسان ليطغى أن رآه استغنى } فيقف برسوله على حقيقة ما كان يعلمها وهي أن ما يجده من أبي جهل وأضرابه من طغاة قريش علته كذا وكذا ، ويسليه ، فيقول له : وإن طغوا وتجبروا إن مرجعهم إلينا ، وسوف ننتقم لك منهم .

/ذ6