تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَجَعَلَ ٱلۡقَمَرَ فِيهِنَّ نُورٗا وَجَعَلَ ٱلشَّمۡسَ سِرَاجٗا} (16)

5

المفردات :

سماوات طباقا : متطابقة بعضها فوق بعض ، كالقباب من غير مماسة .

نورا : منوّرا لوجه الأرض في الظلام .

الشمس سراجا : مصباحا مضيئا يمحو الظلام .

التفسير :

15 ، 16- ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا* وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا .

ألم تشاهدوا بأعينكم نعم الله تعالى فوقكم : هذه السماوات الممتدة امتدادا بعيدا ، وهي محكمة البناء ، وأيضا متطابقة ، كل سماء فوق الأخرى ، وكل سماء طبق الأخرى أيضا من غير مماسة ، وهي في غاية الإحكام والإتقان .

قال تعالى : ما ترى في خلق الرحمان من تفاوت . . . ( الملك : 3 ) .

وقد جعل الله القمر نورا يضيء الليل ، ويمكّن الناس من أداء مهامهم في البرّ والبحر والجوّ .

وجعله متدرجا ، فيبدأ هلالا صغيرا ، ثم يكبر إلى أن يصير بدرا كامل الاستدارة ، ثم يتناقص حتى يعود هلالا صغيرا ، ثم يستتر ليلة أو ليلتين ، وذلك لنعرف عدد السنين والحساب .

قال تعالى : يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج . . . ( البقرة : 189 ) .

وجعل الله الشمس والقمر سراجا مضيئا يستضيء به أهل الدنيا ، والسراج ما كان ضوءه من ذاته كالشمس ، والمنير ما استمد نوره من غيره كالقمر ، وهذا من إعجاز القرآن ، أنه عبّر الشمس بالسراج ، وعن القمر بالنور .

وقد تقرر في علم الفلك أن نور الشمس ذاتي فيها ، ونور القمر عرضي مكتسب من نور الشمس ، فسبحان الذي أحاط بكل شيء علما ، وقد أنزل هذا القرآن على نبي أمّيّ ، وأنزله بهذه الدّقة التي تبين أنه ليس من تأليف بشر ، ولكنه تنزيل من حكيم عليم .

ونحو الآية قوله تعالى : هو الذي جعل الشمس ضياء نورا وقدّره ، منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ، ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصّل الآيات لقوم يعلمون . ( يونس : 5 ) .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَجَعَلَ ٱلۡقَمَرَ فِيهِنَّ نُورٗا وَجَعَلَ ٱلشَّمۡسَ سِرَاجٗا} (16)

{ وجعل القمر فيهن نورا } جعله في سماء الدنيا نورا للأرض ومن فيها . وإنما قال " فيهن " لأنها محاطة بسائر السموات ، فما فيها يكون كأنه في الكل .

أو لأن كل واحدة منها شفافة ؛ فيرى الكل كأنه سماء واحدة ؛ فساغ أن يقال : " فيهن " . والمرجع الإيجاز والملابسة بالكلية والجزئية ، وكونها طباقا شفافة .

{ وجعل الشمس سراجا } يزيل ظلمة الليل ، ويبصر أهل الدنيا في ضوئها كل شيء ؛ وهي في السماء الرابعة .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَجَعَلَ ٱلۡقَمَرَ فِيهِنَّ نُورٗا وَجَعَلَ ٱلشَّمۡسَ سِرَاجٗا} (16)

إذ جعلَ القمرَ فيها يشعُّ بالنور ، وجعلَ الشمسَ كالسراجِ تُوَلّد الضوءَ .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَجَعَلَ ٱلۡقَمَرَ فِيهِنَّ نُورٗا وَجَعَلَ ٱلشَّمۡسَ سِرَاجٗا} (16)

{ وجعل القمر فيهن نورا } أي في إحداهن { وجعل الشمس سراجا } تضيء لأهل الأرض

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَجَعَلَ ٱلۡقَمَرَ فِيهِنَّ نُورٗا وَجَعَلَ ٱلشَّمۡسَ سِرَاجٗا} (16)

" وجعل القمر فيهن نورا " أي في سماء الدنيا ، كما يقال : أتاني بنو تميم وأتيت بني تميم والمراد بعضهم ، قاله الأخفش . قال ابن كيسان : إذا كان في إحداهن فهو فيهن . وقال قطرب : " فيهن " بمعنى معهن ، وقاله الكلبي . أي خلق الشمس والقمر مع خلق السموات والأرض . وقال جلة أهل اللغة في قول امرئ القيس :

وهل ينعمن من كان آخرُ{[15388]} عهدِهِ *** ثلاثين شهرا في ثلاثة أحوال

" في " بمعنى مع . النحاس : وسألت أبا الحسن بن كيسان عن هذه الآية فقال : جواب النحويين أنه إذا جعله في إحداهن فقد جعله فيهن ، كما تقول : أعطني الثياب المعلمة وإن كنت إنما أعلمت أحدها . وجواب آخر : أنه يروى أن وجه القمر إلى السماء ، وإذا كان إلى داخلها فهو متصل بالسموات ، ومعنى " نورا " أي لأهل الأرض ، قاله السدي . وقال عطاء : نورا لأهل السماء والأرض . وقال ابن عباس وابن عمر : وجهه يضيء لأهل الأرض وظهره يضيء لأهل السماء . " وجعل الشمس سراجا " يعني مصباحا لأهل الأرض ليتوصلوا إلى التصرف لمعايشهم . وفي إضاءتها لأهل السماء القولان الأولان حكاه الماوردي . وحكى القشيري عن ابن عباس أن الشمس وجهها في السموات وقفاها في الأرض . وقيل : على العكس . وقيل لعبدالله بن عمر : ما بال الشمس تقلينا أحيانا وتبرد علينا أحيانا ؟ فقال : إنها في الصيف في السماء الرابعة ، وفي الشتاء في السماء السابعة عند عرش الرحمن ، ولو كانت في السماء الدنيا لما قام لها شيء .


[15388]:الذي في ديوان امرئ القيس ص 50 ط هندية "أحدث".
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَجَعَلَ ٱلۡقَمَرَ فِيهِنَّ نُورٗا وَجَعَلَ ٱلشَّمۡسَ سِرَاجٗا} (16)

ولما كان المحيط لا يتوصل إلى داخله إلى محيط{[68731]} العلم والقدرة ، قال دالاًّ على {[68732]}كمال قدرته و{[68733]}تصرفه معبراً بالجعل الذي يكون عن تصيير وتسبيب : { وجعل القمر } أي الذي ترونه وهو في السماء الدنيا ، وبدأ به لقربه وسرعة حركته وقطعه جميع البروج في كل شهر مرة وغيبته في ليالي السرار ثم ظهوره ، وذلك أعجب في القدرة .

ولما كانت السماء شفافات قال : { فيهن } أي السماوات جميعهن { نوراً } أي لامعاً منتشراً كاشفاً{[68734]} للمرئيات ، أحد وجهيه يضيء لأهل الأرض والثاني لأهل السماوات ، ولما كان نوره مستفاداً{[68735]} من نور الشمس قال : { وجعل } معظماً لها بإعادة العامل { الشمس } أي في السماء الرابعة { سراجاً * } أي نوراً عظيماً كاشفاً لظلمة الليل عن وجه الأرض وهي في السماء الرابعة ، وروى ابن مردويه وعبد الرزاق والطبري{[68736]} عن ابن عباس وعبد الله بن عمرو{[68737]} رضي الله عنهم : " إن الشمس والقمر وجوههما مما يلي السماء ، وأقفيتهما إلى الأرض " ؛ وروى الحاكم{[68738]} منه ذكر القمر وجعلهما سبحانه آية على رؤية عباده المحسنين له في الجنة فإنه يرى كل أحد كلاًّ{[68739]} من مكانه مخلياً به{[68740]} ، وكذلك يرونه سبحانه عياناً جهاراً كما رأوه في الدنيا بالإيمان نظراً واعتباراً ،


[68731]:- من ظ وم، وفي الأصل: بمحيط.
[68732]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[68733]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[68734]:- من ظ وم، وفي الأصل: كاشفات.
[68735]:- من ظ وم، وفي الأصل: مستمدا.
[68736]:- راجع تفسيره 29/53.
[68737]:- من ظ وم وتفسير الطبري، وفي الأصل: عمر.
[68738]:- راجع المستدرك 2/ 502.
[68739]:- زيد من ظ وم.
[68740]:- من ظ وم، وفي الأصل: له.