تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلَا تُبۡطِلُوٓاْ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (33)

32

التفسير :

33- { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم } .

امتن بعض المسلمين بإيمانهم على الرسول صلى الله عليه وسلم ، فبين القرآن أن هذا المن يبطل العمل ، فالفضل لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وبهذا كان القرآن الكريم يرتفع بالمسلمين إلى مستوى الإخلاص والنقاء والصفاء في إيمانهم .

ومعنى الآية :

يا أيها الذين آمنوا ، اصدقوا في إيمانكم بطاعة الله ، والتزام أوامره ، وطاعة الرسول ، وتنفيذ توجيهاته .

{ ولا تبطلوا أعمالكم } .

بالرياء ، أو المن والأذى ، أو المعاصي .

قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى . . . } ( البقرة : 264 ) .

وقال سبحانه وتعالى : { يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا على إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين } . ( الحجرات : 17 ) .

أخرج ابن أبي حاتم ، ومحمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة ، عن أبي العالية قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أنه لا يضر مع ( لا إله إلا الله ) ذنب ، كما لا ينفع مع الشرك عمل ، فنزلت الآية : { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم } .

فخافوا أن يبطل الذنب العمل ، أي أن الكبائر الموجبات والفواحش تستوجب غضب الله وسخطه .

وعن ابن عباس قال : لا تبطلوا أعمالكم بالرياء والسمعة ، أو بالشك والنفاق .

وقيل : إن ناسا من بني أسد قد أسلموا ، وقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : قد آثرناك وجئناك بنفوسنا وأهلينا ، كأنهم يمنون ، فنزلت ، ويستدل الفقهاء بهذه الآية على تحريم قطع الفرض ، وكراهة قطع النفل من غير موجب لذلك ، وإذا كان الله قد نهى عن إبطال الأعمال ، فهو أمر بإصلاحها وإكمالها وإتمامها ، والإتيان بها على الوجه الذي تصلح به علما وعملا .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلَا تُبۡطِلُوٓاْ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (33)

{ ولا تبطلوا أعمالكم } بارتكاب المعاصي ، أو بالنفاق أو الرياء ، أو المن بالإسلام أو بالعجب .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلَا تُبۡطِلُوٓاْ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (33)

{ 33 } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ }

يأمر تعالى المؤمنين بأمر به تتم أمورهم ، وتحصل سعادتهم الدينية والدنيوية ، وهو : طاعته وطاعة رسوله في أصول الدين وفروعه ، والطاعة هي امتثال الأمر ، واجتناب النهي على الوجه المأمور به بالإخلاص وتمام المتابعة .

وقوله : { وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ } يشمل النهي عن إبطالها بعد عملها ، بما يفسدها ، من من بها وإعجاب ، وفخر وسمعة ، ومن عمل بالمعاصي التي تضمحل معها الأعمال ، ويحبط أجرها ، ويشمل النهي عن إفسادها حال وقوعها بقطعها ، أو الإتيان بمفسد من مفسداتها .

فمبطلات الصلاة والصيام والحج ونحوها ، كلها داخلة في هذا ، ومنهي عنها ، ويستدل الفقهاء بهذه الآية على تحريم قطع الفرض ، وكراهة قطع النفل ، من غير موجب لذلك ، وإذا كان الله قد نهى عن إبطال الأعمال ، فهو أمر بإصلاحها ، وإكمالها وإتمامها ، والإتيان بها ، على الوجه الذي تصلح به علما وعملا .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلَا تُبۡطِلُوٓاْ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (33)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره:"يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا" بالله ورسوله "أطِيعُوا اللّهَ وأطِيعُوا الرّسُولَ "في أمرهما ونهيهما، "وَلا تَبْطِلُوا أعمالَكُمْ" يقول: ولا تبطلوا بمعصيتكم إياهما، وكفركم بربكم ثواب أعمالكم فإن الكفر بالله يحبط السالف من العمل الصالح...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

أي أطيعوا الله في الجهاد، ولا تبطلوا حسناتكم بالرياء والسمعة. ويحتمل {ولا تُبطلوا أعمالكم} بالارتداد والكفر بعد الإيمان. ويحتمل أن لا تُبطلوا أعمالكم بالمنّ على الله أو على الرسول في الإسلام، أي تُسلمون، وتمنّون على الله أو على رسوله كقوله تعالى: {يمنّون عليك أن أسلموا قل لا تمُنّوا عليّ} الآية [الحجرات: 17]. وقال قتادة: {ولا تبطلوا أعمالكم} بالريّاء...

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

ثم أمر تعالى عباده المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله التي هي سعادتهم في الدنيا والآخرة، ونهاهم عن الارتداد الذي هو مبطل للأعمال؛ ولهذا قال: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} أي: بالردة؛ ولهذا قال بعدها: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}،...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{يا أيها الذين آمنوا} أي أقروا بألسنتهم {أطيعوا الله} أي الملك الأعظم تصديقاً لدعواكم طاعته بشدة الاجتهاد فيها أنها خالصة، وعظم الرسول الله صلى الله عليه وسلم بإفراده فقال تعالى: {وأطيعوا الرسول} لأن طاعته من طاعة الذي أرسله، فإذا فعلتم ذلك حققتم أنفسكم وأعمالكم كما مضى أول السورة... {ولا تبطلوا أعمالكم} أي بمعصيتهما، فإن الأعمال الصالحة إذا نوى لها ما لا يرضيهما بطلب وإن كانت في الذروة من حسن الصورة، فكانت صورة بلا معنى، فهي مما يكون هباء منثوراً مثل ما فعل أولئك المظهرون للإيمان المبطنون للمشاققة بالنفاق والرياء والعجب والمن والأذى ونحو ذلك من المعاصي، ولكن السياق بسياقه ولحاقه يدل على أن الكفر هو المراد الأعظم بذلك...

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

يأمر تعالى المؤمنين بأمر به تتم أمورهم، وتحصل سعادتهم الدينية والدنيوية، وهو: طاعته وطاعة رسوله في أصول الدين وفروعه، والطاعة هي امتثال الأمر، واجتناب النهي على الوجه المأمور به بالإخلاص وتمام المتابعة...

ويستدل الفقهاء بهذه الآية على تحريم قطع الفرض، وكراهة قطع النفل، من غير موجب لذلك، وإذا كان الله قد نهى عن إبطال الأعمال، فهو أمر بإصلاحها، وإكمالها وإتمامها، والإتيان بها، على الوجه الذي تصلح به علما وعملا...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

{يا أيها الذين آمنوا} مقابل وصف الكفر في قوله: {إن الذين كفروا} [محمد: 32]، وطاعة الله مقابل الصدّ عن سبيل الله، وطاعةُ الرسول ضد مشاقة الرسول صلى الله عليه وسلم والنهي عن إبطال الأعمال ضد بطلان أعمال الذين كفروا. فطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم التي أمروا بها هي امتثال ما أمَر به ونهَى عنه من أحكام...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{يا أيّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَلاَ تُبْطِلُواْ أَعْمَالَكُمْ}» [3]. وقد استدل بها الفقهاء على حرمة إبطال الأعمال بعد الشروع فيها، وفرّعوا عليه حرمة إبطال الصلاة بعد الشروع فيها. وذكر بعضهم أن الأعمال لا تبطل بالإتيان بالمعاصي بعدها، لعدم ارتباط الأعمال ببعضها البعض في مجال الطاعة أو القبول، لأن لكل أمرٍ طاعته وعصيانه، وبطلانه وصحته في دائرته الخاصة...

وجاء في تفسير الميزان، أن «المراد بحسب المورد، من طاعة الله، طاعته في ما شرّع وأنزل من حكم القتال، ومن طاعة الرسول، طاعته في ما بلَّغ منه وفي ما أمر به منه ومن مقدماته بما له من الولاية فيه، وبإبطال الأعمال، التخلف عن حكم القتال، كما تخلف المنافقون...» [4]. ولكننا نلاحظ أن الظاهر من الآية ورودها في مقام بيان القاعدة الكلية للمسألة، ليترتب عليها الفروع الصغيرة، في ما يبتلى به المسلمون من ذلك، ولعلّ ما ذكرناه في تفسيرها هو الأقرب إلى جوّ الآية التي تريد أن تجعل الأعمال التي يقوم بها المسلمون في دائرة الأقرب إلى طاعة الله وطاعة الرسول، حتى لا يكون جهدهم ضائعاً وعملهم باطلاً؛ والله العالم.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

أُسلوب الآية يوحي بأنّ من بين المؤمنين أفراداً كانوا قد قصروا في طاعة الله ورسوله وفي حفظ أعمالهم عن التلوث بالباطل، ولذلك فإنّ الله سبحانه يحذّرهم في هذه الآية...

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلَا تُبۡطِلُوٓاْ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (33)

وقوله { ولا تبطلوا أعمالكم } أي بالمن على رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامكم

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلَا تُبۡطِلُوٓاْ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (33)

{ ولا تبطلوا أعمالكم } يحتمل أربعة معان :

أحدها : لا تبطلوا أعمالكم بالكفر بعد الإيمان .

الثاني : لا تبطلوا حسناتكم بفعل السيئات ذكره الزمخشري وهذا على مذهب المعتزلة خلافا للأشعرية فإن مذهبهم أن السيئات لا تبطل الحسنات .

الثالث : لا تبطلوا أعمالكم بالرياء والعجب .

الرابع : لا تبطلوا أعمالكم بأن تقتطعوها قبل تمامها ، وعلى هذا أخذ الفقهاء الآية : وبهذا يستدلون على أن من ابتدأ نافلة لم يجز له قطعها ، وهذا أبعد هذه المعاني .

والأول أظهر لقوله قبل ذلك في الكفار أو المنافقين ، و{ سيحبط أعمالهم } فكأنه يقول : يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا أعمالكم مثل هؤلاء الذين أحبط الله أعمالهم بكفرهم وصدهم عن سبيل الله ومشاقتهم الرسول .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلَا تُبۡطِلُوٓاْ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (33)

ولما حدى ما تقدم كله من ترغيب المخلص وترهيب المتردد والمبطل إلى الإخلاص ودعا إلى ذلك مع بيان{[59908]} أنه لا غرض أصلاً ، وإنما هو رحمة ولطف وإحسان و{[59909]} منّ ، أنتج قوله منادياً من احتاج إلى النداء {[59910]}من نوع{[59911]} بعد لاحتياجه إلى ذلك وعدم مبادرته{[59912]} قبله : { يا أيها الذين آمنوا } أي أقروا بألسنتهم { أطيعوا الله } أي الملك الأعظم تصديقاً لدعواكم طاعته{[59913]} بشدة الاجتهاد فيها أنها خالصة ، وعظم الرسول الله صلى الله عليه وسلم بإفراده فقال تعالى : { وأطيعوا الرسول } لأن طاعته من{[59914]} طاعة الذي أرسله ، فإذا فعلتم ذلك حققتم{[59915]} أنفسكم وأعمالكم كما مضى أول السورة ، فتكون صحيحة ببنائها على الطاعة{[59916]} بتصحيح النيات وتصفيتها مع الإحسان للصورة في الظاهر ليكمل العمل صورة وروحاً .

ولما كانت الطاعة قد تحمل على إقامة الصورة الظاهرة ، قال منبهاً على الإخلاص لتكمل حساً ومعنى : { ولا تبطلوا أعمالكم * } أي بمعصيتهما ، فإن الأعمال الصالحة إذا نوى لها ما لا يرضيهما بطلب وإن كانت في الذروة من حسن الصورة ، فكانت صورة بلا معنى ، فهي مما يكون هباء منثوراً مثل ما فعل أولئك المظهرون للإيمان المبطنون للمشاققة بالنفاق والرياء والعجب والمن{[59917]} والأذى ونحو ذلك من المعاصي ، ولكن السياق بسياقه ولحاقه يدل على أن الكفر هو المراد الأعظم بذلك ، والآية من الاحتباك-{[59918]} : ذكر الطاعة أولاً دليلاً على المعصية ثانياً ، والإبطال ثانياً دليلاً على الصحة أولاً ، وسره أنه أمر بمبدأ{[59919]} السعادة ونهى عن نهاية الفساد ثانياً ، لأنه أعظم في النهي عن الفساد لما فيه من تقبيح صورته وهتك سريرته .


[59908]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: بيانه.
[59909]:زيد من م ومد.
[59910]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: بنوع.
[59911]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: بنوع.
[59912]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: منادرته.
[59913]:في مد: طاعة.
[59914]:زيد في الأصل: طاعته أعنى من، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59915]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: حقنتم.
[59916]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: الطلة-كذا.
[59917]:زيد في الأصل: والرياء، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59918]:زيد من ظ و م ومد.
[59919]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: بهذا.