مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلَا تُبۡطِلُوٓاْ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (33)

قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم } .

العطف هاهنا من باب عطف المسبب على السبب يقال اجلس واسترح وقم وامش لأن طاعة الله تحمل على طاعة الرسول ، وهذا إشارة إلى العمل بعد حصول العلم ، كأنه تعالى قال : يا أيها الذين آمنوا علمتم الحق فافعلوا الخير ، وقوله { ولا تبطلوا أعمالكم } يحتمل وجوها ( أحدها ) دوموا على ما أنتم عليه ولا تشركوا فتبطل أعمالكم ، قال تعالى : { لئن أشركت ليحبطن عملك } ( الوجه الثاني ) { لا تبطلوا أعمالكم } بترك طاعة الرسول كما أبطل الكتاب أعمالهم بتكذيب الرسول وعصيانه ، ويؤيده قوله تعالى : { ياأيها الذين ءامنوا لا ترفعوا أصواتكم } إلى أن قال : { أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون } ( الثالث ) { لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى } كما قال تعالى : { يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم } وذلك أن من يمن بالطاعة على الرسول كأنه يقول هذا فعلته لأجل قلبك ، ولولا رضاك به لما فعلت ، وهو مناف للاخلاص ، والله لا يقبل إلا العمل الخالص .