تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلَا تُبۡطِلُوٓاْ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (33)

الآية 33 وقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تُبطلوا أعمالكم } قال بعضهم : أي أطيعوا الله في الجهاد ، ولا تبطلوا حسناتكم بالرياء والسمعة . وفي حرف ابن مسعود رضي الله عنه { يا أيها الذين آمنوا } اتقوا الله { وأطيعوا الرسول } .

ويحتمل { ولا تُبطلوا أعمالكم } بالارتداد والكفر بعد الإيمان . ويحتمل أن لا تُبطلوا أعمالكم بالمنّ على الله أو على الرسول في الإسلام ، أي تُسلمون ، وتمنّون{[19475]} على الله أو على رسوله كقوله تعالى : { يمنّون عليك أن أسلموا قل لا تمُنّوا عليّ } الآية [ الحجرات : 17 ] .

وقال قتادة : { ولا تبطلوا أعمالكم } بالريّاء ، وقال : فمن استطاع منكم ألا يبطل عملا صالحا بعمل شيء فليفعل ؛ إن الشر ينسخ الخير ، وإنما صلاح{[19476]} العمل بخواتيمه ، فمن استطاع أن يختم بخير فليفعل ، ولا قوة إلا بالله .

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه [ أنه ]{[19477]} قال : ما كنا ، معشر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نرى شيئا يُبطل أعمالنا حتى نزلت هذه الآية ، فعلمنا ما الذي يُبطل أعمالنا الكبائر الموجبات الفواحش ، فكنا على ذلك حتى أنزل الله تعالى : { إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } الآية [ النساء : 48 ] فلما نزلت هذه الآية كففنا عن هذا القول .

وجائز أن يكون قوله تعالى : { ولا تبطلوا أعمالكم } هذا{[19478]} ليكونوا أبدا على اليقظة وحذر لئلا تبطل أعمالهم من حيث لا يشعرون كقوله تعالى : { أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون } [ الحجرات : 2 ] .

وفي حرف أُبيّ رضي الله عنه ولا تُبطلوا إيمانكم{[19479]} .


[19475]:في الأصل وم: متمنون.
[19476]:في الأصل وم: ملاك.
[19477]:ساقطة من الأصل وم.
[19478]:أدرج قبلها في الأصل وم: قال.
[19479]:من م، في الأصل: أعمالكم.