الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلَا تُبۡطِلُوٓاْ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (33)

{ وَلاَ تُبْطِلُواْ أعمالكم } أي لا تحبطوا الطاعات بالكبائر ، كقوله تعالى : { لا تَرْفَعُواْ أصواتكم فَوْقَ صَوْتِ النبى } [ الحجرات : 2 ] إلى أن قال : { أَن تَحْبَطَ أعمالكم } [ الحجرات : 20 ] وعن أبي العالية : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أنه لا يضر مع الإيمان ذنب ، كما لا ينفع مع الشرك عمل ، حتى نزلت { وَلاَ تُبْطِلُواْ أعمالكم } فكانوا يخافون الكبائر على أعمالهم . وعن حذيفة : فخافوا أن تحبط الكبائر أعمالهم . وعن ابن عمر : كنا نرى أنه ليس شيء من حسناتنا إلا مقبولاً ، حتى نزل { وَلاَ تُبْطِلُواْ أعمالكم } فقلنا : ما هذا الذي يبطل أعمالنا ؟ فقلنا : الكبائر الموجبات والفواحش ، حتى نزل { إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء } [ النساء : 116 ] فكففنا عن القول في ذلك ، فكنا نخاف على من أصاب الكبائر ونرجو لمن لم يصبها . وعن قتادة رحمه الله : رحم الله عبداً لم يحبط عمله الصالح بعمله السيء . وقيل : لا تبطلوها بمعصيتهما . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : لا تبطلوها بالرياء والسمعة ، وعنه : بالشك والنفاق ، وقيل : بالعجب ؛ فإنّ العجب يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب . وقيل : ولا تبطلوا صدقاتكم بالمنّ والأذى .