تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَۖ كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَدٗا} (11)

المفردات :

طرائق قددا : جماعات متفرقة ، وفرقا شتى ، أو مذاهب مختلفة .

قددا : جمع قدّة ، وهي القطعة من الشيء .

التفسير :

11- وأنّا منا الصالحون ومنّا دون ذلك كنا طرائق قددا .

تخبر الجن عن نفسها بأنها نوعان : المؤمنون الصالحون المستقيمون على أمر الله ، والكافرون الرافضون للإيمان .

كنا طرائق قددا .

كنّا مذاهب مختلفة ، وجماعات متعددة ، بعضها بالغ الحسن في الصلاح ، وبعضها دون ذلك في الدرجة والاستقامة ، أو بعضها وكافر فاجر ، فكنّا فرقا شتى ، وأديانا مختلفة .

قال سعيد بن المسيب : كنّا مسلمين ويهودا ونصارى ومجوسا .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَۖ كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَدٗا} (11)

وأن الجن منهم الأبرارُ الصالحون ، ومنهم دون ذلك { كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَداً } وفرقاً شتّى وأهواءَ مختلفة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَۖ كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَدٗا} (11)

{ وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ } أي : فساق وفجار وكفار ، { كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا } أي : فرقا متنوعة ، وأهواء متفرقة ، كل حزب بما لديهم فرحون .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَۖ كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَدٗا} (11)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك} يعني دون المسلمين، كافرين، فلذلك قوله: {كنا طرائق قددا} يقول: أهل ملل شتى، مؤمنين وكافرين ويهود ونصارى.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيلهم:"وأنّا مِنّا الصّالِحُونَ "وهم المسلمون العاملون بطاعة الله.

"وَمنّا دُونَ ذلكَ": ومنا دون الصالحين.

"كُنّا طَرائقَ قدَدا": وأنا كنا أهواء مختلفة، وفِرَقا شتى، منا المؤمن والكافر. والطرائق: جمع طريقة، وهي طريقة الرجل ومذهبه. والقِدد: جمع قدّة، وهي الضروب والأجناس المختلفة.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{وأنا منا الصالحون} أي منا من عرف بالصلاح والستر {ومنا دون ذلك} وهم الفسقة، فيكون فيه إبانة أن كل أهل دين، فيهم الصالح المرضي، وفيهم الفاسق المفسد في دينه.

{كنا طرائق قددا} أي أهواء متفرقة، ولم يذكروا الأهواء المتفرقة في الأصلح والأدون، ذكروا ذلك عند ذكر الفاسق والصالح، لأن أهل الأهواء، كل يعتقد في نفسه أنه، هو المحق، وغيره على الباطل، وأما الفاسق فهو يعرف أنه يتعاطى بفسقه ما لا يحل له، ويرتكب ما نهي عنه، وكذلك كل من شاهد فسقه يعرف أنه على الباطل. فإذا كان كذلك ظهر الدون فيه، وظهر الصالح، ولم يظهر ذلك في اعتقاد المذاهب، فلم يتكلم فيه بالدون والصالح.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

ووصفت الطرائق بالقدد لدلالتها على معنى التقطع والتفرق.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

بعد ذلك أخذ الجن يصفون حالهم وموقفهم من هدى الله؛ بما نفهم منه أن لهم طبيعة مزدوجة كطبيعة الإنسان في الاستعداد للهدى والضلال. ويحدثنا هذا النفر عن عقيدتهم في ربهم وقد آمنوا به. وعن ظنهم بعاقبة من يهتدي ومن يضل:

(وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك، كنا طرائق قددا. وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا. وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به، فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا. وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون: فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا. وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا)..

وهذا التقرير من الجن بأن منهم صالحين وغير صالحين، مسلمين وقاسطين، يفيد ازدواج طبيعة الجن، واستعدادهم للخير والشر كالإنسان -إلا من تمحض للشر منهم وهو إبليس وقبيله- وهو تقرير ذو أهمية بالغة في تصحيح تصورنا العام عن هذا الخلق. فأغلبنا حتى الدارسين الفاقهين -على اعتقاد أن الجن يمثلون الشر، وقد خلصت طبيعتهم له. وأن الإنسان وحده بين الخلائق هو ذو الطبيعة المزدوجة. وهذا ناشئ عن مقررات سابقة في تصوراتنا عن حقائق هذا الوجود كما أسلفنا. وقد آن أن نراجعها على مقررات القرآن الصحيحة!

وهذا النفر من الجن يقول: (وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك).. ويصف حالهم بصفة عامة: (كنا طرائق قددا).. أي لكل منا طريقته المنفصلة المقدودة المنقطعة عن طريقة الفريق الآخر.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

أي آمنا بأنا منّا الصالحون، أي أيقنَّا بذلك وكنا في جهالة عن ذلك.

ظهرت عليهم آثار التوفيق فعلموا أنهم أصبحوا فريقين فريق صالحون وفريق ليسوا بصالحين، وهم يعنون بالصالحين أنفسهم وبمن دون الصلاح بقية نوعهم، فلما قاموا مقام دعوة إخوانهم إلى اتباع طريق الخير لم يصارحوهم بنسبتهم إلى الإِفساد بل ألهموا وقالوا منا الصالحون، ثم تلطفوا فقالوا: ومنا دون ذلك، الصادق بمراتب متفاوتة في الشر والفساد ليتطلب المخاطبون دلائل التمييز بين الفريقين، على أنهم تركوا لهم احتمال أن يُعنَى بالصالحين الكاملون في الصلاح فيكون المعني بمن دون ذلك من هم دون مرتبة الكمال في الصلاح، وهذا من بليغ العبارات في الدعوة والإِرشاد إلى الخير.

والمعنى: أنهم يدعون إخوتهم إلى وحدة الاعتقاد باقتفاء هدى الإِسلام، فالخبر مستعمل في التعريض بذم الاختلاف بين القوم وأن على القوم أن يتحدوا ويتطلبوا الحق ليكون اتحادهم على الحق.

وليس المقصود منه فائدة الخبر، لأن المخاطبين يعلمون ذلك.

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَۖ كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَدٗا} (11)

{ وأنا منا الصالحون } بعد استماع القرآن أي بررة أتقياء { ومنا دون ذلك } دون البررة { كنا طرائق قددا } أي أصنافا مختلفين

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَۖ كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَدٗا} (11)

قوله تعالى : " وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك " هذا من قول الجن ، أي قال بعضهم لبعض لما دعوا أصحابهم إلى الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وإنا كنا قبل استماع القرآن منا الصالحون ومنا الكافرون . وقيل : " ومنا دون ذلك " أي ومن دون الصالحين في الصلاح ، وهو أشبه من حمله على الإيمان والشرك . " كنا طرائق قددا " أي فرقا شتى ؛ قال السدي . الضحاك : أديانا مختلفة . قتادة : أهواء متباينة ، ومنه قول الشاعر :

القابضُ الباسط الهادي بطاعته *** في فتنة الناس إذْ أهواؤُهم قِدَدُ

والمعنى : أي لم يكن كل الجن كفارا بل كانوا مختلفين : منهم كفار ، ومنهم مؤمنون صلحاء ، ومنهم مؤمنون غير صلحاء . وقال المسيب : كنا مسلمين ويهود ونصارى ومجوس . وقال السدي في قوله تعالى : " طرائق قددا " قال : في الجن مثلكم قدرية ، ومرجئة ، وخوارج ، ورافضة ، وشيعة ، وسنية . وقال قوم : أي وإنا بعد استماع القرآن مختلفون : منا المؤمنون ومنا الكافرون . أي ومنا الصالحون ومنا مؤمنون لم يتناهوا في الصلاح . والأول أحسن ؛ لأنه كان في الجن من آمن بموسى وعيسى ، وقد أخبر الله عنهم أنهم قالوا : " إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه " [ الأحقاف : 30 ] وهذا يدل على إيمان قوم منهم بالتوراة ، وكان هذا مبالغة منهم في دعاء من دعوهم إلى الإيمان . وأيضا لا فائدة في قولهم : نحن الآن منقسمون إلى مؤمن وإلى كافر . والطرائق : جمع الطريقة وهي مذهب الرجل ، أي كنا فرقا مختلفة . ويقال : القوم طرائق أي على مذاهب شتى . والقدد : نحو من الطرائق وهو توكيد لها ، واحدها : قدة . يقال : لكل طريق قدة ، وأصلها من قد السيور ، وهو قطعها ، قال لبيد يرثي أخاه أربد{[15458]} :

لم تبلغ العين كل نَهْمَتِهَا *** ليلة تُمْسِي الجِيَادُ كالقِددِ{[15459]}

وقال آخر{[15460]} :

ولقد قلتُ وزيدٌ حاسرٌ *** يوم وَلَّتْ خيلُ عمرٍو قِدَدَا

والقد بالكسر : سير يقد من جلد غير مدبوغ ، ويقال : ماله قد ولا قحف ، فالقد : إناء من جلد ، والقحف : من خشب .


[15458]:في ز: "مربد". وفي سائر الأصول: "زيدا" وهو تحريف. والتصويب عن شرح القاموس.
[15459]:يقول لبيد: لم تبلغ العين من البكاء على أربد كل ما تريد في هذه الليلة التي فيها الخيل كالقدد من شدة السير والإتعاب.
[15460]:هو لبيد صاحب البيت الذي قبله، كما في فتح القدير، للشوكاني.