قوله : { وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ } : فيه وجهان ، أحدُهما : أنَّ " دونَ " بمعنى " غير " ، أي : ومِنَّا غيرُ الصالحين ، وهو مبتدأٌ ، وإنما فُتِحَ لإِضافتِه إلى غيرِ متمكِّنٍِ ، كقوله : { لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ } [ الأنعام : 94 ] فيمَنْ نَصَبَ على أحدِ الأقوالِ ، وإلى هذا نحا الأخفشُ . والثاني : أنَّ " دونَ " على بابِها من الظرفية ، وأنها صفةٌ لمحذوفٍ تقديرُه : ومنا فريقٌ أو فوجٌ دونَ ذلك وحَذْفُ الموصوفِ مع " مِنْ " التبعيضيَّةِ يَكْثرُ كقولِهم : منا ظَعَنَ ومنَّا أقام ، أي : مِنَّا فريقٌ . والمعنى : ومِنَّا صالحون دونَ أولئك في الصَّلاح .
قوله : { كُنَّا طَرَآئِقَ } فيه أوجهٌ ، أحدُها : أنَّ التقديرَ : كنَّا ذوي طرائقَ ، أي : ذوي مذاهبَ مختلفةٍ . الثاني : أنَّ التقدير : كُنَّا في اختلاف أحوالِنا مثلَ الطرائقِ المختلفةِ . الثالث : أنَّ التقدير : كُنَّا في طرائقَ مختلفةٍ كقولِه :
4353 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** كما عَسَل الطريقَ الثَّعْلَبُ
الرابع : أنَّ التقديرَ : كانَتْ طرائقُنا قِدَداً ، على حَذْفِ المضاف الذي هو الطرائقُ ، وإقامةِ الضميرِ المضافِ إليه مُقامَه ، قاله الزمخشري ، فقد جَعَلَ في ثلاثة أوجهٍ مضافاً محذوفاً ؛ لأنَّه قَدَّرَ في الأول : ذوي ، وفي الثاني : مِثْلَ ، وفي الثالث : طرائقنا . ورَدَّ عليه الشيخ قولَه : كُنَّا في طرائق كقولِه : . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** كما عَسَلَ الطريقَ الثعلبُ
بأنَّ هذا لا يجوزُ إلاَّ في ضرورةٍ أو نُدورٍ ، فلا يُخْرَّج القرآن عليه ، يعني تَعَدِّيَ الفعلِ بنفسِه إلى ظرفِ المكانِ المختصِّ .
والقِدَدُ : جمعُ قِدَّة ، والمرادُ بها الطريقة ، وأصلُها السيرةُ يقال : قِدَّةُ فلانٍ حسنةٌ أي : سِيرتُه وهو مِنْ قَدَّ السَّيْرَ أي : قَطَعَه على استواءٍ/ فاسْتُعير للسِّيرةِ المعتدلةِ قال :
القابِضُ الباسِطُ الهادِيْ بطاعتِه *** في فِتْنة الناسِ إذا أهواؤُهم قِدَدُ
جَمَعْتَ بالرأيِ مِنهم كلَّ رافضةٍ *** إذ هم طرائقُ في أهوائِهم قِدَدُ
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.