فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَۖ كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَدٗا} (11)

{ وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ } أي قال بعض لبعض لما دعوا أصحابهم إلى الإيمان بمحمد : وأنا كنا قبل استماع القرآن منا الموصوفون بالصلاح { وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ } أي قوم دون ذلك : أي دون الموصوفين بالصلاح . وقيل : أراد بالصالحون المؤمنين ، وبمن هم دون ذلك الكافرين ، والأوّل أولى ، ومعنى { كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً } أي جماعات متفرقة وأصنافاً مختلفة ، والقدة : القطعة من الشيء ، وصار القوم قدداً : إذا تفرقت أحوالهم ، ومنه قول الشاعر :

القابض الباسط الهادي لطاعته *** في فتنة الناس إذ أهواؤهم قدد

والمعنى : كنا ذوي طرائق قدداً ، أو كانت طرائقنا طرائق قدداً ، أو كنا مثل طرائق قدداً ومن هذا قول لبيد :

لم تبلغ العين كل نهمتها *** يوم تمشي الجياد بالقدد

وقوله أيضاً :

ولقد قلت وزيد حاسر *** يوم ولت خيل عمرو قدداً

قال السديّ والضحاك : أدياناً مختلفة ، وقال قتادة : أهواء متباينة . وقال سعيد بن المسيب : كانوا مسلمين ويهود ونصارى ومجوس وكذا قال مجاهد . قال الحسن : الجنّ أمثالكم قدرية ومرجئة ورافضة وشيعة ، وكذا قال السديّ .

/خ13