تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلۡمَعَارِجِ} (3)

أهوال القيامة

بسم اله الرحمان الرحيم

{ سأل سائل بعذاب واقع 1 للكافرين ليس له دافع 2 من الله ذي المعارج 3 تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة 4 فاصبر صبرا جميلا 5 إنهم يرونه بعيدا 6 ونراه قريبا 7 يوم تكون السماء كالمهل 8 وتكون الجبال كالعهن 9 ولا يسأل حميم حميما 10 يبصّرونهم يودّ المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه 11 وصاحبته وأخيه 12 وفصيلته التي تؤويه 13 ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه 14 كلاّ إنها لظى 15 نزّاعة للشوى 16 تدعوا من أدبر وتولّى 17 وجمع فأوعى 18* }

المفردات :

سأل سائل : دعا داع .

ليس له دافع : إنه واقع لا محالة ، ونازل وحاصل ، لا مانع يردّه .

المعارج : واحدها معرج وهو المصعد ( أسانسير ) ، أي صاحب المصاعد والدرجات التي تصعد فيها الملائكة من سماء إلى سماء .

الروح : جبريل عليه السلام .

1

التفسير :

1 ، 2 ، 3 ، 4- سأل سائل بعذاب واقع* للكافرين ليس له دافع* من الله ذي المعارج* تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة .

دعا داع ، وطلب كافر من كفار مكة لنفسه ولقومه نزول عذاب واقع لا محالة ، والسائل هو النضر ابن الحارث ، من صناديد قريش وطواغيتها ، لما خوّفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعذاب قال استهزاء : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم . ( الأنفال : 32 ) .

فأهلكه الله يوم بدر ، ومات شرّ ميتة ، ونزلت الآية بذمّه ، وهذا العذاب نازل بالكافرين لا محالة ، لا يستطيع أحد أن يدفعه أو يمنعه ، لأنه من الله الغالب ، ولا يغلب الله غالب .

من الله ذي المعارج .

هذا العذاب نازل وصادر من الله تعالى ، صاحب المصاعد التي تصعد منها الملائكة وتنزل بأمره ووحيه .

تعرج الملائكة والروح إليه . . .

تصعد الملائكة وجبريل الأمين من سماء إلى سماء ، إلى عرش الرحمان ، حيث تهبط أوامره سبحانه وتعالى ، ويد القدرة تمسك بزمام هذا الكون ، وترفع السماء ، وتبسط الأرض ، وتسخّر السحاب والفضاء ، وتيسّر مصاعد الملائكة إليه ومعها أعمال العباد .

روى البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة العصر وفي صلاة الفجر ، اقرؤوا إن شئتم قول الله تعالى : وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا . ( الإسراء : 78 ) . فيصعد الذين باتوا فيكم فيسألهم ربّهم : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : يا ربنا ، تركناهم وهم يصلّون ، وأتيناهم وهم يصلّون ، فاغفر لهم يوم الدّين )iv .

والملائكة عباد مكرمون ، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون .

في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة .

أي : ذلك العذاب واقع لهؤلاء الكفار في يوم طويل ، يمتد إلى خمسين ألف سنة .

قال ابن عباس : هو يوم القيامة ، جعله الله على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة ، ثم يدخلون النار للاستقرار .

والجمع بين هذه الآية ، وبين قوله تعالى : في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدّون . ( السجدة : 5 ) .

أن القيامة مواقف ومواطن ، فيها خمسون موطنا ، كل موطن ألف سنة ( وأن هذه المدة الطويلة تخفّ على المؤمن حتى تكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا )v .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلۡمَعَارِجِ} (3)

المعارج : الدرجات ، والمصاعد . واحدها معرج بكسر الميم ومعرج بفتحها ، ومعراج .

وسيأتيهم من الله تعالى خالقِ السموات وما فيها من مسالك ،

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلۡمَعَارِجِ} (3)

{ من الله } أي ذلك العذاب يقع بهم من الله { ذي المعارج } ذي السموات

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلۡمَعَارِجِ} (3)

{ من الله } يحتمل أن يتعلق بواقع أي : واقع من عند الله أو بدافع أي : ليس له دافع من عند الله أو يكون صفة للعذاب أو مستأنفا .

{ ذي المعارج } جمع معرج وهو المصعد إلى علو كالسلم والمدارج التي يرتقي بها قال ابن عطية : هي هنا مستعارة في الفضائل والصفات الحميدة وقيل : هي المراقي إلى السماء وهذا أظهر لأنه فسرها بما بعدها من عروج الملائكة .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلۡمَعَارِجِ} (3)

{ من الله } أي الملك الأعلى الذي لا كفؤ له فلا أمر لأحد معه ، وإذا لم يكن له دافع منه لم يكن دافع{[68270]} من غيره وقد تقدم الوعد به ، ودلت الحكمة عليه فتحتم وقوعه وامتنع رجوعه .

ولما كان القادر يوصف بالعلو ، والعاجز يوصف بالسفول والدنو ، وكان ما يصعد فيه إلى العالي يسمى درجاً ، وما يهبط فيه إلى السافل يسمى دركاً ، وكانت الأماكن كلها بالنسبة إليه سبحانه على حد سواء ، اختير التعبير بما يدل على العلو الذي يكنى به عن القدرة والعظمة ، فقال واصفاً بما يصلح كونه مشيراً إلى التعليل : { ذي المعارج * } أي الدرج التي{[68271]} لا انتهاء لها أصلاً - بما دلت عليه صيغة منتهى الجموع وهي{[68272]} كناية عن العلو ، وسميت بذلك لأن الصاعد{[68273]} في الدرج يشبه مشية الأعرج ، وروي عن ابن عباس{[68274]} رضي الله عنهما أنها السماوات ،


[68270]:- زيد من ظ وم.
[68271]:- من ظ وم، وفي الأصل: الذي.
[68272]:- من ظ وم، وفي الأصل: هو.
[68273]:- من ظ وم، وفي الأصل: القاعد.
[68274]:- راجع معالم التنزيل 7/ 134.