تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ يُدۡخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأۡكُلُونَ كَمَا تَأۡكُلُ ٱلۡأَنۡعَٰمُ وَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡ} (12)

10

المفردات :

يتمتعون : ينتفعون بمتاع الدنيا .

ويأكلون كما تأكل الأنعام : ليس لهم هم إلا بطونهم وفروجهم ، ولا يلتفتون إلى العاقبة أو الآخرة .

مثوى : منزل ومقام ومصير .

التفسير :

12- { إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم } .

إن الله الذي هو ولي الذين آمنوا ، يختصهم بعنايته ورعايته ، وهو سبحانه يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار ، وفي هذه الجنات الأنهار والأشجار والثمار والحور العين ، ورضوان الله رب العالمين ، وفيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، و لا خطر على قلب بشر .

{ والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم } .

الكافرون تشغلهم الدنيا ولذائذها ، فهم حريصون على متعها ، والاستكثار من الطعام والشراب ، والخمر والمحرمات ، غير مفكرين في العاقبة ، كما تأكل الأنعام في مسارحها ومعالفها ، غافلة عما هي بصدده من النحر والذبح ، أما منازل الكفار في الآخرة فهي النار ، وما فيها من زقوم وحميم وغسلين ، وعذاب وإهانة ، وغضب الحي القيوم .

روى البخاري ، ومسلم ، وأحمد ، والترمذي ، وابن ماجة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( المؤمن يأكل في معي واحد ، والكافر يأكل في سبعة أمعاء )5 .

قال فخر الدين الرازي في التفسير الكبير :

كثيرا ما يقتصر الله على ذكر الأنهار في وصف الجنة ، لأن الأنهار تتبعها الأشجار ، والأشجار تتبعها الثمار ، والماء سبب حياة العالم ، والنار سبب الإعدام . اه .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ يُدۡخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأۡكُلُونَ كَمَا تَأۡكُلُ ٱلۡأَنۡعَٰمُ وَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡ} (12)

والنار مثوى لهم : مقرٌّ لهم .

وبعد أن بيّن حال المؤمنين والكافرين في الدنيا بيّن هنا نصيب المؤمنين ، ونصيب الكافرين في الآخرة ، وشتان بين الحالين وبين النصيبين . فالمؤمنون يدخلون جناتٍ عظيمة تجري من تحتها الأنهار إكراماً لهم على إيمانهم بالله ونصرهم لدينه وشريعته . والكافرون يتمتعون في الدنيا قليلا ، ويأكلون كما تأكل الحيوانات ، غافلين عما ينتظرهم من عذاب أليم ، { والنار مَثْوًى لَّهُمْ } فهي مأواهم الذي يستقرون فيه .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ يُدۡخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأۡكُلُونَ كَمَا تَأۡكُلُ ٱلۡأَنۡعَٰمُ وَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡ} (12)

{ والذين كفروا يتمتعون } في الدنيا { ويأكلون كما تأكل الأنعام } ليس لهم همة إلا بطونهم وفروجهم ثم يصيرون إلى النار

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ يُدۡخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأۡكُلُونَ كَمَا تَأۡكُلُ ٱلۡأَنۡعَٰمُ وَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡ} (12)

قوله تعالى : " إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار " تقدم . " والذين كفروا يتمتعون " في الدنيا كأنهم أنعام ، ليس لهم همة إلا بطونهم وفروجهم ، ساهون عما في غدهم . وقيل : المؤمن في الدنيا يتزود ، والمنافق يتزين ، والكافر يتمتع . " والنار مثوى لهم " أي مقام ومنزل .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ يُدۡخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأۡكُلُونَ كَمَا تَأۡكُلُ ٱلۡأَنۡعَٰمُ وَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡ} (12)

{ ويأكلون كما تأكل الأنعام } عبارة عن كثرة أكلهم وعن غفلتهم عن النظر كالبهائم .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ يُدۡخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأۡكُلُونَ كَمَا تَأۡكُلُ ٱلۡأَنۡعَٰمُ وَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡ} (12)

ولما{[59458]} تشوف السامع{[59459]} إلى تعرف تمام آثار الولاية ، قال شافياً لعيّ سؤالهم مؤكداً {[59460]}لأجل كثرة{[59461]} المكذبين : { إن الله } أي الذي له جميع الكمال { يدخل الذين آمنوا } أي أوقعوا التصديق { وعملوا } تصديقاً لما ادعوا أنهم أوقعوه{[59462]} { الصالحات } فتمتعوا بما رزقهم الله من الملاذ لا على وجه أنها ملاذ بل على وجه أنها مأذون فيها ، وهي بلاغ إلى الآخرة وأكلوا لا للترفه بل لتقوية البدن على ما أمروا به {[59463]}تقوتاً لا تمتعاً{[59464]} { جنات } أي بساتين عظيمة الشأن موصوفة بأنها { تجري } وبين قرب الماء من وجهها بقوله : { من تحتها الأنهار } أي فهي دائمة النمو{[59465]} والبهجة والنضارة والثمرة لأن أصول أشجارها ربى وهي بحيث متى أثرت بقعة مناه أدنى أثارة جرى منها نهر ، فأنساهم دخولهم غصص ما كانوا فيه في الدنيا من نكد العيش ومعاناة الشدائد ، وضموا نعيمها إلى ما كانوا فيه في الدنيا من نعيم الوصلة بالله ثم لا يحصل لهم كدر ما أصلاً ، وهي مأواهم لا يبغون عنها حولاً ، وهذا في نظير ما زوي عنهم من الدنيا-{[59466]} وضيق فيها عيشهم نفاسة منهم عنها حتى فرغهم لخدمته وألزمهم حضرته حباً لهم وتشريفاً لمقاديرهم { والذين كفروا } أي غطوا ما دل عليه العقل فعملوا لأجل كفرهم الأعمال الفاسدة المبعدة عن جناب الله { يتمتعون } أي في الدنيا بالملاذ لكونها ملاذ كما تتمتع الأنعام ، ناسين ما أمر الله معرضين عن لقائه بل{[59467]} عن الموت أصلاً{[59468]} بل يكون ذكر الموت حاثاً لهم على الانهماك في اللذات مسابقة له جهلاً منهم بالله { ويأكلون } على سبيل الاستمرار { كما تأكل الأنعام } أكل التذاذ ومرح من أيّ موضع كان وكيف كان الأكل في سبعة أمعاء ، أي في جميع بطونهم من غير تمييز{[59469]} للحرام{[59470]} من غيره لأن الله تعالى أعطاهم الدنيا ووسع عليهم فيها وفرغهم لها حتى شغلهم عنه هواناً بهم وبغضاً لهم {[59471]}لأنه علم حالهم قبل أن يوجدهم{[59472]} فيدخلهم ناراً وقودها الناس والحجارة { والنار } أي والحال أن ذات الحرارة العظمى والإحراق الخارج عن الحد { مثوى } أي منزل ومقام { لهم * } {[59473]}تنسيهم أول انغماسهم{[59474]} فيها كل نعيم كانوا فيه ثم لا يصير لهم نعيم ما-{[59475]} أصلاً ، بل لا ينفك عنهم العذاب وقتاً ما-{[59476]} ، فالآية من الاحتباك ، ذكر الأعمال الصالحة ودخول الجنات{[59477]} أولاً دليلاً على حذف الفاسدة ودخول النار ثانياً ، والتمتع والمثوى ثانياً دليلاً على حذف التعلل والمأوى أولاً ، فهو احتباك في احتباك-{[59478]} واشتباك مقارن لاشتباك{[59479]} .


[59458]:زيد في الأصل: كان في هذا شدة، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59459]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: للسامع.
[59460]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: لكثرة.
[59461]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: لكثرة.
[59462]:زيد في الأصل: من، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59463]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: تمتعا لا تقوتا.
[59464]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: تمتعا لا تقوتا.
[59465]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: النسق.
[59466]:زيد من م ومد.
[59467]:زيدت الواو في الأصل ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59468]:زيد في الأصل: الموصل إلى الله، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59469]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: تميز.
[59470]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: الحرام.
[59471]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59472]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59473]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: للسهم أو لانغماسهم-كذا.
[59474]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: للسهم أو لانغماسهم-كذا.
[59475]:زيد من م ومد.
[59476]:زيد من ظ و م ومد.
[59477]:زيد من ظ و م ومد.
[59478]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: الجنان.
[59479]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: لاحتباك الاشتباك.