21-{ وقالوا لجلودهم لِمَ شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون } .
عند شهود الجوارح ، ونطق الأعضاء على الإنسان ، يحس بالخجل من نفسه ويتوقع العذاب في جهنم ، فيقول للجوارح التي شهدت عليه : كيف تشهدون عليّ ، وأنا كنت أناضل عنكم في الدنيا وأدافع عنكم ؟ وهنا تجيب الجوارح : نحن خاضِعُون لقدرة الله اليوم ، فلا مهرب من عقاب ، ولا مفر من جزاء ، لقد خلقكم الله من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ، ثم أوجدكم في الدنيا أول مرة ، بعد أن نفخ الروح في أجسامكم ، وصرتم خلقا آخر ، فتبارك الله أحسن الخالقين ، ثم أنشأ الله الإنسان طفلا ، ثم فتى ثم يافعا ثم شابا ثم شيخا ، وخلال حياته أرسل له الرسل ، وأنزل له الكتب ، ويسّر له أسباب الهداية ، ثم كفر الإنسان واستكبر ، ثم يرجع إلى ربه للحساب والجزاء . { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } . ( الزلزلة : 7 ، 8 ) .
وفي صحيح مسلم ، عن أنس بن مالك قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك ، فقال : " هل تدرون ممّ أضحك " ؟ قلنا الله ورسوله أعلم ، قال : " من مخاطبة العبد ربّه ، يقول : ألم تُجرْني من الظُّلم ؟ قال : يقول : بلى ، قال : فيقول : فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدا منّي ، قال : يقول : كفى بنفسك اليوم شهيدا ، وبالكرام الكاتبين شهودا ، قال : فيختم على فيه ، فيقال لأركانه : انطقي ، فتنطق بأعماله ، قال : ثم يخلّى بينه وبين الكلام ، قال : فيقول : بعدا لكُنّ وسحقا ، فعنكنّ كنت أناضل " {[644]}
" وقالوا " يعني الكفار " لجلودهم لم شهدتم علينا " وإنما كنا نجادل عنكم " قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء " لما خاطبت وخوطبت أجريت مجرى من يعقل . " وهو خلقكم أول مرة " أي ركب الحياة فيكم بعد أن كنتم نطفا ، فمن قدر عليه قدر على أن ينطق الجلود وغيرها من الأعضاء . وقيل : " وهو خلقكم أول مرة " ابتداء كلام من الله . " وإليه ترجعون " وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك قال : كنا عند رسول الله فضحك فقال : ( هل تدرون مم أضحك ) قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : ( من مخاطبة العبد ربه يقول يا رب ألم تجزني من الظلم قال : يقول بلى قال فيقول فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدا مني . قال : يقول كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا وبالكرام الكاتبين شهودا قال : فيختم على فيه فيقال لأركانه انطقي فتنطق بأعماله قال : ثم يخلي بينه وبين الكلام قال : فيقول بعدا لكن وسحقا فعنكن كنت أناضل ) وفي حديث أبي هريرة ثم يقال : ( الآن نبعث شاهدنا عليك ويتفكر في نفسه من ذا الذي يشهد علي فيختم على فيه ويقال لفخذه ولحمه وعظامه{[13431]} : انطقي فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله ، وذلك ليعذر من نفسه{[13432]} وذلك المنافق ، وذلك الذي سخط الله عليه ) خرجه أيضا مسلم .
{ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا } أي لامُوا جوارحهم وأعضاءهم بما شهدوه عليهم فأجابتهم الجوارح والجلود { أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ } أي لا خيار لنا في النطق ولا إرادة وإنما أنطقنا الله فشهدنا عليكم راغمين مقهورين ، فو سبحانه الذي ينطق كل شيء { وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } أي وقد خلقكم الله الخلْق الأول ؛ إذْ لم تكونوا شيئا { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } وأنتم صائرون إلى الله لتلاقوا الحساب والجزاء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.