تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{۞قُلۡ أَئِنَّكُمۡ لَتَكۡفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡأَرۡضَ فِي يَوۡمَيۡنِ وَتَجۡعَلُونَ لَهُۥٓ أَندَادٗاۚ ذَٰلِكَ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (9)

دلائل القدرة

{ قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين 9 وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين 10 ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين 11 فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم 12 }

المفردات :

في يومين : في مقدار يومين ، أو نوبتين .

أندادا : شركاء ، جمع نِدّ وهو الكفء والنظير .

العالمين : جمع عالم ، وهو ما سوى الله ، وجُمع لاختلاف أنواعه تغليبا للعقلاء .

9

التفسير :

9- { قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين } .

ليس المراد باليومين أيام الدنيا ، فلم يكن في ذلك الوقت شمس ولا قمر ، ولا ليل ولا نهار ، والعرب تعبّر باليوم عن سنين كثيرة مثل يوم البسوس ، ويوم ذي قار ، وحرب البسوس امتدت أربعين سنة .

قال تعالى : { وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون } ( الحج : 47 ) .

وقال سبحانه : { في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة } . ( المعارج : 4 ) .

فالمراد باليومين نوبتان علّهما نوبة الخلق ، ثم نوبة الدّحي والاستدارة .

أي : إنكم تشاهدون قدرته وجلاله ، وتعلمون أن هذا الكون البديع لا يخلقه إلا إله قادر ، ومع هذا فأنتم تكفرون بهذا الإله ، وتجعلون له شركاء لم تخْلق ، مثل الأصنام والأوثان والملائكة وعزير وعيسى . وقد بُدئت الآية بالاستفهام الإنكاري للتوبيخ والتعجيب .

والمعنى :

كيف تكفرون بالله وهو الإله العلي الشأن ، الكامل القدرة ، الفعال لما يريد ، الذي خلق الأرض في يومين ؟ وكيف تلحدون في ذاته وصفاته ، حيث جعلتم له أندادا وشركاء عبدتموهم معه تعالى ، مع أنهم لا شأن لهم في الخلق ، ولا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرّا ، ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا ؟

والمراد بالأرض الأرضون السبع .

قال تعالى : { الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن . . . } ( الطلاق : 12 ) .

وقد وردت السماوات جمعا ومفردة في القرآن الكريم ، ووردت الأرض مفردة فقط ، وليس في القرآن ما يشير إلى سبع أرضين إلا الآية السابقة وهي الآية 12 من سورة الطلاق .

{ ذلك رب العالمين } . أي : ذلك الإله الخالق المبدع هو رب العالمين كلّهم ، أي العالم العلوي والسفلي ، فكيف تجعلون له شريكا ؟

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{۞قُلۡ أَئِنَّكُمۡ لَتَكۡفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡأَرۡضَ فِي يَوۡمَيۡنِ وَتَجۡعَلُونَ لَهُۥٓ أَندَادٗاۚ ذَٰلِكَ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (9)

قوله تعالى : " قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض " " أئنكم " بهمزتين الثانية بين بين و " أائنكم " بألف بين همزتين وهو استفهام معناه التوبيخ . أمره بتوبيخهم والتعجب من فعلهم ، أي لم تكفرون بالله وهو خالق السموات والأرض " في يومين " الأحد والاثنين " وتجعلون له أندادا " أي أضدادا وشركاء " ذلك رب العالمين " .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{۞قُلۡ أَئِنَّكُمۡ لَتَكۡفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡأَرۡضَ فِي يَوۡمَيۡنِ وَتَجۡعَلُونَ لَهُۥٓ أَندَادٗاۚ ذَٰلِكَ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (9)

قوله تعالى : { قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ( 9 ) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ( 10 ) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ( 11 ) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ } .

همزة الاستفهام للتوبيخ ؛ فقد أمر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بتوبيخ المشركين والتعجب من فعلهم ؛ إذْ يكفرون بالله البارئ المقتدر الذي { خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ } أي تكفرون بالله وهو الإله القادر الذي خلق الأرض في يومين ، وهو سبحانه أعلم بحقيقة هذين اليومين من حيث مداهما ومدتهما { وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا } الواو ، في قوله : { ويجعلون } واو الحال من ضمير خلق{[4046]} . أي وتشركون معه آلة أخرى وهي أنداد مصطنعة وأرباب موهومة ، والله وحده خالقهم ومالكهم وبيده مقاليد كل شيء { ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ } .


[4046]:البيان لابن الأنباري ج 2 ص 337