أخرج المرعى : أنبت العشب رطبا غضا .
فجعله غثاء : يابسا هشيما من بعد كالغثاء ، والغثاء ما يحمله السيل من البالي من ورق الشجر مخالطا زبده .
4 ، 5- والذي أخرج المرعى* فجعله غثاء أحوى .
هو الذي أخرج النبات والبرسيم ، والحب والزيتون والنخل ، وكل هذه مرعى للحيوان أو الإنسان أو الطيور أو الزواحف أو غير ذلك ، فالذرة إذا كانت صغيرة فهي مرعى للحيوان ، وإذا كانت حبا فهي مرعى للإنسان ، وقد أودع الله في الأرض أرزاقها ليتم إعمار هذا الكون ورعايته وحفظه .
فجعله يابسا جافا ، وأحوى . أسود يضرب إلى الخضرة .
إن حركة النبات عند بروزه صغيرا كأنه أطفال صغار ، ثم نموّه واخضراره وازدهاره ، ثم اصفراره ونهايته ، كل هذا يذكّر الإنسان بحياته التي تمر بالطفولة إلى الشباب ، ثم إلى الكهولة والموت ، فلكل بداية نهاية ، وكذلك الدنيا .
قال تعالى : واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا . ( الكهف : 45 ) .
والمقصود من الآيات بيان دلائل القدرة ، وأنواع النعم التي يغمرنا الله بها ، وتستحق النظر والتأمل وتسبيح العلي القدير .
" فجعله غثاء أحوى " الغثاء : ما يقذف به السيل على جوانب الوادي من الحشيش والنبات والقماش{[15967]} . وكذلك الغثاء ( بالتشديد ) . والجمع :
الأغثاء ، قتادة : الغثاء : الشيء اليابس . ويقال للبقل والحشيش إذا تحطم ويبس : غثاء وهشيم . وكذلك للذي يكون حول الماء من القماش غثاء ، كما قال :
كأنَّ طَمِيَّةَ{[15968]} المُجَيْمِرِ غدوةً *** من السيل والأغثاء{[15969]} فِلْكَةُ مِغْزَلِ
وحكى أهل اللغة : غثا الوادي وجفا{[15970]} . وكذلك الماء : إذا علاه من الزبد والقماش ما لا ينتفع به . والأحوى : الأسود ، أي أن النبات يضرب إلى الحوة من شدة الخضرة كالأسود . والحوة : السواد . قال الأعشى{[15971]} :
لَمْيَاءُ في شَفَتَيْهَا حُوَّةٌ لَعَسٌ *** وفي اللِّثَاتِ وفي أنيابها شَنَبُ
وفي الصحاح : والحوة : سمرة الشفة . يقال : رجل أحوى ، وامرأة حواء ، وقد حويت . وبعير أحوى إذا خالط خضرته سواد وصفوة . وتصغير أحوى أحيو ، في لغة من قال أسيود . ثم قيل : يجوز أن يكون " أحوى " حالا من " المرعى " ، ويكون المعنى : كأنه من خضرته يضرب إلى السواد . والتقدير : أخرج المرعى أحوى ، فجعله غثاء يقال : قد حوي النبت ؛ حكاه الكسائي ، وقال :
وغيثٍ من الوَسْمِيِّ حُوٍّ تِلاَعُهُ *** تَبَطَّنَتْهُ بشَيْظَم صَلَتَانِ{[15972]}
ويجوز أن يكون " حوى " صفة ل " غثاء " . والمعنى : أنه صار كذلك بعد خضرته . وقال أبو عبيدة : فجعله أسود من احتراقه وقدمه ، والرطب إذا يبس أسود . وقال عبد الرحمن بن زيد : أخرج المرعى أخضر ، ثم لما يبس أسود من احتراقه ، فصار غثاء تذهب به الرياح والسيول . وهو مثل ضربه اللّه تعالى للكفار ، لذهاب الدنيا بعد نضارتها .
قوله : { فجعله غثاء أحوى } غثاء ، منصوب على أنه مفعول ثان ، لأن جعله ههنا بمعنى صيّره . أو على الحال إن كان جعله بمعنى خلقه{[4800]} والمعنى أن الله جعله بعد خضرته وغضاضته ورفيفه { غثاء } أي هشيما جافا يابسا { أحوى } متغيرا إلى الحوّة وهي السواد من بعد البياض أو الخضرة من شدة اليبس . وقيل : الغثاء ، معناه اليبس . والأحوى ، المسودّ من القدم{[4801]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.