{ يأيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحيواة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور( 5 ) إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير( 6 ) الذين كفروا لهم عذاب شديد والذين ءامنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر كبير( 7 ) أفمن زين له سوء عمله فرءاه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون( 8 ) }
وعد الله حق : بالبعث والحشر والجزاء لا خلف فيه .
فلا تغرنكم : لا تلهيكم ويذهلكم التمتع بها .
ولا يغرنكم بالله : في حلمه وإمهاله .
الغرور : الشيطان الخداع بأن يمنيكم المغفرة .
{ يأيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحيواة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور . . . }
يا كل الناس عن وعد الله حق بالحشر والحساب والجزاء والجنة أو النار وهذه حقيقة لا شك فيها هناك قيامة وثواب أو عقاب .
{ فلا تغرنكم الحيواة الدنيا . . . } بطول أعماركم وصحة أبدانكم وسعة أرزاقكم فإن ذلك زائل عنكم لا محالة ولا يغرنكم الشيطان ولا يخدعنكم عن أنفسكم بتزيين المعاصي والإصرار على الكبائر أملا في المغفرة مع التسويف في التوبة .
قال تعالى : وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون . ( المنافقون : 10-11 ) .
ثم حذر الله الإنسان من الشيطان الذي أخرج آدم من الجنة ، واستمر في عداوته للإنسان وتزيين الشر له فكيف يسير الإنسان خلف عدوه وهو يعلم أنه يستدرجه على الضلال المبين ؟
قوله تعالى : " يا أيها الناس إن وعد الله حق " هذا وعظ للمكذبين للرسول بعد إيضاح الدليل على صحة قوله : إن البعث والثواب والعقاب حق . " فلا تغرنكم الحياة الدنيا " قال سعيد بن جبير : غرور الحياة الدنيا أن يشتغل الإنسان بنعيمها ولذاتها عن عمل الآخرة ، حتى يقول : يا ليتني قدمت لحياتي . " ولا يغرنكم بالله الغرور " قال ابن السكيت وأبو حاتم : " الغرور " الشيطان . وغرور جمع غر ، وغر مصدر . ويكون " الغرور " مصدرا وهو بعيد عند غير أبي إسحاق ؛ لأن " غررته " متعد ، والمصدر المتعدي إنما هو على فعل ، نحو : ضربته ضربا ، إلا في أشياء يسيرة لا يقاس عليها . قالوا : لزمته لزوما ، ونهكه المرض نهوكا . فأما معنى الحرف فأحسن ما قيل فيه ما قاله سعيد بن جبير . قال : الغرور بالله أن يكون الإنسان يعمل بالمعاصي ثم يتمنى على الله المغفرة . وقراءة العامة " الغرور " ( بفتح الغين ) وهو الشيطان ، أي لا يغرنكم بوساوسه في أنه يتجاوز عنكم لفضلكم . وقرأ أبو حيوة وأبو المال العدوي ومحمد بن المقع " الغرور " ( برفع الغين ) وهو الباطل ، أي لا يغرنكم الباطل . وقال ابن السكيت : والغرور ( بالضم ) ما اغتر به من متاع الدنيا . قال الزجاج : ويجوز أن يكون الغرور جمع غار ، مثل قاعد وقعود . النحاس : أو جمع غر ، أو يشبه بقولهم : نهكه المرض نهوكا ولزمه لزوما . الزمخشري : أو مصدر " غره " كاللزوم والنهوك .
ولما أشعر هذا الختام باليوم الموعود ، وهو الأصل الثابت قال مهدداً به محذراً منه : { يا أيها الناس } أي الذين عندهم أهلية للتحرك إلى النظر . ولما كانوا ينكرون البعث أكد قوله : { إن وعد الله } أي الذي له صفات الكمال وهو منزه عن كل شائبة نقص ، فهو لا يجوز عليه في مجاري العادات للغنى المطلق أن يخلف الميعاد { حق } أي بكل ما وعد به من البعث وغيره وقد وعد أنه يردكم إليه في يوم تنقطع فيه الأسباب ، ويعرض عن الأحساب والأنساب ، ليحكم بينكم بالعدل ، ثم سبب عن كونه حقاً قوله على وجه التأكيد لأجل الإنكار أيضاً : { فلا تغرنكم } أي بأنواع الخدع من اللهو والزينة غروراً مستمر التجدد { الحياة الدنيا } فإنه لا يليق بذي همة علية اتباع الدنيء ، والرضى بالدون الزائل عن العالي الدائم { ولا يغرنكم بالله } أي الذي لا يخلف الميعاد وهو الكبير المتعالي { الغرور * } أي الذي لا يصدق في شيء وهو الشيطان العدو ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.