روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ} (5)

{ يأَيُّهَا الناس إِنَّ وَعْدَ الله } المشار إليه بقوله سبحانه : { وَإِلَى الله تُرْجَعُ الامور } من البعث والجزاء { حَقّ } ثابت لا محالة من غير خلف { فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الحياة الدنيا } بأن يذهلكم التمتع بمتاعها ويلهيكم التلهي بزخارفها عن تدارك ما ينفعكم يوم حلول الميعاد ، والمراد نهيهم عن الاغترار بها وإن توجه النهي صورة إليها نظير قوله تعالى : { لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِى } [ هود : 89 ] وقولك لا أرينك هنا { وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بالله } حيث أنه جل شأنه عفو كريم رؤوف رحيم { الغرور } أي المبالغ في الغرور ، وهو على ما روى عن ابن عباس . والحسن . ومجاهد الشيطان فالتعريف للعهد ، ويجوز التعميم أي لا يغرنكم كل من شأنه المبالغة في الغرور بأن يمنيكم المغفرة مع الإصرار على المعصية قائلاً إن الله يغفر الذنوب جميعاً فإن ذلك وإن أمكن لكن تعاطي الذنوب بهذا التوقع تناول السم تعويلاً على دفع الطبيعة ، وتكرير فعل النهي للمبالغة فيه ولاختلاف الغرورين في الكيفية .

وقرأ أبو حيوة . وأبو السمال { الغرور } بالضم على أنه مصدر غره يغره وإن قل في المتعدي أو جمع غار كقعود وسجود مصدرين وجمعين ، وعلى المصدرية الإسناد مجازي .