بالعشي : من زوال الشمس عن كبد السماء على آخر النهار .
الصافنات : جمع صافن ، والصافن من الخيل هو الذي يرفع إحدى يديه أو رجليه ، ويقف على مقدم حافرها ، كما قال الشاعر .
ألف الصفون فما يزال كأنه مما يقوم على الثلاث كسيرا .
الجياد : واحدها جواد ، وهو السريع العدو ، كما أن الجواد من الناس السريع البذل .
31- { إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد } .
كان سليمان يستعرض خيله ، ليتبين مدى استعدادها للحرب وتأمين المملكة .
اذكر حين عرضت عليه الخيل الممتازة ، فهي إذا وقفت على ثلاث أرجل هادئة منضبطة ، وإذا جرت أسرعت سرعة الجياد الأصلية ، وقد استعرضها سليمان في وقت العشيِّ من بعد الظهر إلى غروب الشمس .
" إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد " يعني الخيل جمع جواد للفرس إذا كان شديد الحضر ، كما يقال للإنسان جواد إذا كان كثير العطية غزيرها ، يقال : قوم أجواد وخيل جياد ، جاد الرجل بماله يجود جودا فهو جواد ، وقوم جود مثال : قذال وقذل ، وإنما سكنت الواو لأنها حرف علة ، وأجواد وأجاود وجوداء ، وكذلك امرأة جواد ونسوة جود مثل نوار ونور ، قال الشاعر :
صَناعٌ بإشْفَاهَا حَصَانٌ بِشَكْرِهَا *** جوادٌ بقوتِ البطنِ والعِرْقُ زاخر
وتقول : سرنا عقبة جوادا ، وعقبتين جوادين ، وعقبا جيادا . وجاد الفرس أي صار رائعا يجود جودة بالضم فهو جواد للذكر والأنثى ، من خيل جياد وأجياد وأجاويد . وقيل : إنها الطوال الأعناق مأخوذ من الجيد وهو العنق ؛ لأن طول الأعناق في الخيل من صفات فراهتها . وفي الصافنات أيضا وجهان : أحدهما أن صفونها قيامها . قال القتبي والفراء : الصافن في كلام العرب الواقف من الخيل أو غيرها . ومنه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من سره أن يقوم له الرجال صفونا فليتبوأ مقعده من النار ) أي يديمون له القيام ، حكاه قطرب أيضا وأنشد قول النابغة :
لنا قُبَّةٌ مضروبةٌ بفنائها *** عِتاقُ المَهارى والجِياد الصَّوَافن
وهذا قول قتادة . الثاني أن صفونها رفع إحدى اليدين على طرف الحافر حتى يقوم على ثلاث كما قال الشاعر :
ألِفَ الصُّفُونَ فما يزال كأنه *** مما يقومُ على الثَّلاَثِ كَسِيرَا
تركنا الخَيْلَ عاكفةً عليه *** مُقَلَّدَةً أَعِنَّتَهَا صُفُونَا
وهذا قول مجاهد . قال الكلبي : غزا سليمان أهل دمشق ونصيبين فأصاب منهم ألف فرس . وقال مقاتل : ورث سليمان من أبيه داود ألف فرس ، وكان أبوه أصابها من العمالقة . وقال الحسن : بلغني أنها كانت خيلا خرجت من البحر لها أجنحة . وقاله الضحاك . وأنها كانت خيلا أخرجت لسليمان من البحر منقوشة ذات أجنحة . ابن زيد : أخرج الشيطان لسليمان الخيل من البحر من مروج البحر ، وكانت لها أجنحة . وكذلك قال علي رضي الله عنه : كانت عشرين فرسا ذوات أجنحة . وقيل : كانت مائة فرس . وفي الخبر عن إبراهيم التيمي : أنها كانت عشرين ألفا ، فالله أعلم .
ولما كانت الخيل من أعظم ما زين للناس من حب الشهوات ، وكان السياق للعزة والشقاق الدالين على عظيم الاحتياج إلى ما يكف ذلك مما أعظمه الخيل ، ذكر فيها آمراً له صلى الله عليه وسلم ، دل على أنه مع ما له من عظمة الملك كثير الأوبة عظيمها لأن من لم يكن ذلك له طبعاً لم يقدر على ما فعل فقال : { إذ } أي اذكر لتقف على شاهد ما أخبرناك به حين { عرض عليه بالعشيّ } أي فيما بعد زوال الشمس { الصافنات } أي الخيول العربية الخالصة التي لا تكاد تتمالك بجميع قوائمها الاعتماد على الأرض اختيالاً بأنفسها وقرباً من الطيران بلطافتها وهمتها وإظهاراً لقوتها ورشاقتها وخفتها ، قال في القاموس : صفن الفرس يصفن صفوناً : قام على ثلاث قوائم وطرف حافز الرابعة ، وقال القزاز : قام على ثلاث قوائم وقائمة يرفعها عن الأرض أو ينال سنبكها الأرض ليستريح بذلك ، وأكثر ما تصفن الخيل العتاق ، قال : وقالوا : كل ذي حافز يفعله ولكنه من الجياد أكثر ، لا يكاد يكون إلا في العراب الخلص ، وقيل : الصافن الذي يجمع يديه ويثني طرف سنبك إحدى رجليه ، وقيل : الصافن الذي يرفع سنبك إحدى يديه فإذا رفع طرف سنبك إحدى رجليه فهو مخيم ، وقد أخام - إذا فعل ذلك .
ولما تحرر أنه يجوز أن يجمل الصافن على غير العتيق وإن كان قليلاً ، حقق أن المراد الوصف بالجودة واقفة وجارية فقال : { الجياد * } أي التي تجود في جريها بأعظم ما تقدر عليه ، جمع جواد ، فلم تزل تعرض عليه حتى فاتته صلاة آخر النهار ، وكان المفروض على من تقدمنا ركعتين أول النهار وركعتين آخره ، فانتبه في الحال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.