فيتبعون أحسنه : أي : يأخذون بالواجب والأفضل ، مع جواز الأخذ بالمندوب والحسن ، أو يختارون العفو ويتركون العقاب ، مع أنه جائز ، أو ينتقدون الرديء ، ويختارون الأحسن .
أولوا الألباب : أصحاب العقول السليمة .
18- { الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب } .
هؤلاء نفوسهم طيبة ، وقلوبهم طيبة ، يستمعون الأقوال المتعددة ، فتلتقط نفوسهم الكلم الطيب والفكر الحسن ، والذكر المفيد ، وترك الرديء ، فالنفوس الحسنة تبحث عن القول الحسن ، والفكر الحسن ، والتوجّه الحسن ، وكل ما يدعوا إلى الخير ، ويرغّب في الفضيلة ، ويحث على الاستقامة ، أمّا النفوس الخبيثة فإنها تبحث عن القول الرديء ، والتفكير الخبيث ، لأن الطيور على أشكالها تقع .
وقيل : المراد بالآية توجيه المؤمنين إلى أن يكونوا نقادا في الدّين ، يميزون بين الحسن والأحسن ، والفاضل والأفضل ، فإذا اعترضهم أمران ، حرصوا على ما هو أقرب عند الله ثوابا ، وأرجى قبولا .
وقيل : هم الذين يستمعون أوامر الله ، فيتبعون أحسنها ، مثل : القصاص أو العفو ، والانتصار وأخذ الحق أو الإغضاء والتجاوز ، وإظهار الصدقة وإخفائها .
قال تعالى : { وأن تعفوا أقرب للتقوى . . . } ( البقرة : 237 ) .
وقال سبحانه : { إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم . . . } ( البقرة : 271 ) .
{ أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب } .
أي : هؤلاء المتصفون بالصفات الجميلة ، والقلوب الخيّرة ، التي تختار الأحسن والأولى والأفضل ، هم الذين هداهم الله لمعرفة دينه ، واختار ما يرضيه ، وهؤلاء هم أصحاب العقول السليمة ، والقلوب الطاهرة البعيدة عن اتباع الهوى .
وقوله : " الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه " قال ابن عباس : هو الرجل يسمع الحسن والقبيح فيتحدث بالحسن وينكف عن القبيح فلا يتحدث به . وقيل : يستمعون القرآن وغيره فيتبعون القرآن . وقيل : يستمعون القرآن وأقوال الرسول فيتبعون أحسنه أي محكمه فيعملون به . وقيل : يستمعون عزما وترخيصا فيأخذون بالعزم دون الترخيص . وقيل : يستمعون العقوبة الواجبة لهم والعفو فيأخذون بالعفو . وقيل : إن أحسن القول على من جعل الآية فيمن وحد الله قبل الإسلام " لا إله إلا الله " . وقال عبد الرحمن بن زيد : نزلت في زيد بن عمرو بن نفيل وأبي ذر الغفاري وسلمان الفارسي ، اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها في جاهليتهم ، واتبعوا أحسن ما صار من القول إليهم . " أولئك الذين هداهم الله " لما يرضاه . " وأولئك هم أولو الألباب " أي أصحاب العقول من المؤمنين الذين انتفعوا بعقولهم .
{ الذين يستمعون } أي بجميع قلوبهم { القول } أي هذا الجنس من كل قائل ليسوا جفاة عساة إذا أقبلوا على شيء أعرضوا عن غيره بغير دليل { فيتبعون } أي بكل عزائمهم بعد انتقاده : { أحسنه } بما دلتهم عليه عقولهم من غير عدول إلى أدنى هوى ، ويدخل في هذه الآية دخولاً بيناً حث أهل الكتاب على اتباع هذا القرآن العظيم ، فإن كتب الله كلها حسنة ، وهذا القرآن أحسنها كلاماً ، ومعاني ونظاماً ، لا يشك في هذا أحد له أدنى ذوق .
ولما بين عملهم ، أنتج ذلك مدحهم فقال مظهراً زيادة المحبة لهم والاهتمام بشأنهم بالتأكيد : { أولئك } أي العالو الهمة والرتبة خاصة { الذين } ولما كان في هؤلاء المجتبين العالو الرتبة جداً وغيره ، أبرز المفعول فقال محولاً الأسلوب إلى الاسم الأعظم إشارة إلى عظيم هدايتهم ، { هداهم الله } بما له من صفات الكمال فبين سبحانه أن لا وصول إليه إلا به ، وهذا بخلاف آية الأنعام حيث ذكر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فقال { أولئك الذين هدى الله } فحذف المفعول لتصير هدايتهم مكررة بوجوب تسليط العامل على الموصول الذي أعاد عليه الضمير في هذه الآية ، وكرر الإشارة زيادة في تعظيمهم فقال : { وأولئك هم } أي خاصة { أولوا الألباب * } أي العقول الصافية عن شوب كدر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.