تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{ٱلَّذِينَ يَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقَوۡلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحۡسَنَهُۥٓۚ أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَىٰهُمُ ٱللَّهُۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمۡ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (18)

المفردات :

فيتبعون أحسنه : أي : يأخذون بالواجب والأفضل ، مع جواز الأخذ بالمندوب والحسن ، أو يختارون العفو ويتركون العقاب ، مع أنه جائز ، أو ينتقدون الرديء ، ويختارون الأحسن .

أولوا الألباب : أصحاب العقول السليمة .

التفسير :

18- { الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب } .

هؤلاء نفوسهم طيبة ، وقلوبهم طيبة ، يستمعون الأقوال المتعددة ، فتلتقط نفوسهم الكلم الطيب والفكر الحسن ، والذكر المفيد ، وترك الرديء ، فالنفوس الحسنة تبحث عن القول الحسن ، والفكر الحسن ، والتوجّه الحسن ، وكل ما يدعوا إلى الخير ، ويرغّب في الفضيلة ، ويحث على الاستقامة ، أمّا النفوس الخبيثة فإنها تبحث عن القول الرديء ، والتفكير الخبيث ، لأن الطيور على أشكالها تقع .

وقيل : المراد بالآية توجيه المؤمنين إلى أن يكونوا نقادا في الدّين ، يميزون بين الحسن والأحسن ، والفاضل والأفضل ، فإذا اعترضهم أمران ، حرصوا على ما هو أقرب عند الله ثوابا ، وأرجى قبولا .

وقيل : هم الذين يستمعون أوامر الله ، فيتبعون أحسنها ، مثل : القصاص أو العفو ، والانتصار وأخذ الحق أو الإغضاء والتجاوز ، وإظهار الصدقة وإخفائها .

قال تعالى : { وأن تعفوا أقرب للتقوى . . . } ( البقرة : 237 ) .

وقال سبحانه : { إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم . . . } ( البقرة : 271 ) .

{ أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب } .

أي : هؤلاء المتصفون بالصفات الجميلة ، والقلوب الخيّرة ، التي تختار الأحسن والأولى والأفضل ، هم الذين هداهم الله لمعرفة دينه ، واختار ما يرضيه ، وهؤلاء هم أصحاب العقول السليمة ، والقلوب الطاهرة البعيدة عن اتباع الهوى .