لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{ٱلَّذِينَ يَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقَوۡلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحۡسَنَهُۥٓۚ أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَىٰهُمُ ٱللَّهُۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمۡ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (18)

{ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ } يقتضي أن يكون الاستماع لكل شيء ، ولكن الاتباع يكون للأحسن . " أحسنه " : وفيه قولان ؛ أحدهما أن يكون بمعنى الحَسَن ولا تكون الهمزة للمبالغة ، كما يقال مَلِكٌ أَعِزُّ أي عزيز . والثاني : الأحسن على المبالغة ، والحَسَنُ ما كان مأذوناً فيه في صفة الخَلْقُ ويعْلَمُ ذلك بشهادة العلم ، والأحسن هو الأَوْلَى والأصوب . ويقال الأحسن ما كان لله دون غيره ، ويقال الأحسن هو ذكر الله خالصاً له . ويقال مَنْ عَرَفَ الله لا يسمع إلا بالله .

ويقال إن للعبد دواعيَ من باطنه هي هواجسُ النفس ووساوسُ الشيطانِ وخوَاطرُ المَلَكِ وخطابُ الحقِّ يُلْقَى في الرَّوْعِ ؛ فوساوسُ الشيطان تدعو إلى المعاصي ، وهواجسُ النفس تدعو إلى ثبوت الأشياء من النَّفْس وأَنَّ لها في شيءٍ نصيباً ، وخواطرُ المَلَكِ تدعو إلى الطاعاتِ والقُرَبِ ، وخطابُ الحقِّ في حقائق التوحيد .

{ أُوْلَئِكَ الِّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وأُوْلَئِك هُمْ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ } :-أولئك الذين هداهم الله لتوحيده ، وأولئك الذين عقولهم غير معقولة .