فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ٱلَّذِينَ يَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقَوۡلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحۡسَنَهُۥٓۚ أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَىٰهُمُ ٱللَّهُۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمۡ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (18)

{ فَبَشّرْ عِبَادِ الذين يَسْتَمِعُونَ القول فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } المراد بالعباد هنا : العموم ، فيدخل الموصوفون بالاجتناب ، والإنابة إليه دخولاً أوّلياً ، والمعنى : يستمعون القول الحقّ من كتاب الله وسنّة رسوله ، فيتبعون أحسنه ، أي محكمه ويعملون به . قال السدّي : يتبعون أحسن ما يؤمرون به ، فيعملون بما فيه . وقيل : هو الرجل يسمع الحسن والقبيح فيتحدّث بالحسن ، وينكف عن القبيح ، فلا يتحدّث به . وقيل : يستمعون القرآن وغيره ، فيتبعون القرآن ، وقيل : يستمعون الرخص والعزائم ، فيتبعون العزائم ، ويتركون الرخص ، وقيل : يأخذون بالعفو ، ويتركون العقوبة . ثم أثنى سبحانه على هؤلاء المذكورين ، فقال : { أُوْلَئِكَ الذين هَدَاهُمُ الله وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُواْ الألباب } أي هم الذين أوصلهم الله إلى الحق ، وهم أصحاب العقول الصحيحة ، لأنهم الذين انتفعوا بعقولهم ، ولم ينتفع من عداهم بعقولهم .

/خ20