تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{يَوۡمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمۡ فِي ٱلنَّارِ يَقُولُونَ يَٰلَيۡتَنَآ أَطَعۡنَا ٱللَّهَ وَأَطَعۡنَا ٱلرَّسُولَا۠} (66)

{ يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا } .

المفردات :

تقلب وجوههم : تدار منت جهة إلى أخرى كاللحم يشوى بالنار .

التفسير :

اذكر يوم تتقلب وجوههم في النار كما يشوى اللحم فيتعرض للنار من جميع جوانبه حتى لا تبقى صفحة لم تصل إليها النار .

وقد ذكر الوجه- مع أن جسمهم كله يتعرض للنار- لأن الوجه أغلى ما في الجسم فإذا تعرض الوجه للنار كان أشد وأنكى وأظهر للعذاب .

قال تعالى : { أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة . . . } ( الزمر : 34 ) .

وذلك أن الوجه إذا تعرض للألم في الدنيا دافع عنه الإنسان بيده أو بجسمه لكن يوم القيامة يتعرض الوجه للعذاب ويتقلب ويتلون من لون إلى لون أو من حالة إلى حالة ثم يندم الكافر في وقت لا ينفع فيه الندم على حد قول الشاعر :

ندم البغاة ولات ساعة مندم *** والبغي مرتع مبتغيه وخيم

ويتمنى الكافر حين يعذب أنه أطاع الله وآمن به ، وأطاع رسوله ودخل في دينه وصدق برسالته .

قال القرطبي وهذا التقليب تغيير ألوانهم بلفح النار فنسود مرة ، وتخضر أخرى أه .

وحين يشتد العذاب عليهم وتبدل جلودهم يتمنون أنهم ما كفروا وهي أمنية ضائعة فقد فات الأوان إنما هي الحسرة على ما كان ثم تنطلق من ألسنتهم النقمة على سادتهم وكبرائهم الذين أضلوهم .

وقالوا إنما هي الحسرة على ما كان ثم تنطلق من ألسنتهم النقمة على سادتهم وكبرائهم الذين أضلوهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَوۡمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمۡ فِي ٱلنَّارِ يَقُولُونَ يَٰلَيۡتَنَآ أَطَعۡنَا ٱللَّهَ وَأَطَعۡنَا ٱلرَّسُولَا۠} (66)

ولهذا قال : { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ } فيذوقون حرها ، ويشتد عليهم أمرها ، ويتحسرون على ما أسلفوا .

{ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولاَ } فسلمنا من هذا العذاب ، واستحققنا ، كالمطيعين ، جزيل الثواب . ولكن أمنية فات وقتها ، فلم تفدهم إلا حسرة وندمًا ، وهمًا ، وغمًا ، وألمًا .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{يَوۡمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمۡ فِي ٱلنَّارِ يَقُولُونَ يَٰلَيۡتَنَآ أَطَعۡنَا ٱللَّهَ وَأَطَعۡنَا ٱلرَّسُولَا۠} (66)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا} يعني محمدا صلى الله عليه وسلم.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: لا يجد هؤلاء الكافرون وليا ولا نصيرا في يوم تقلب وجوههم في النار حالاً بعد حال "يَقُولُونَ "وتلك حالهم في النار: "يَا لَيْتَنَا أطَعْنَا اللّهَ" في الدنيا وأطعنا رسوله، فيما جاءنا به عنه من أمره ونهيه، فكنا مع أهل الجنة في الجنة، يا لها حسرة وندامةً، ما أعظمها وأجلها.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{يوم تقلب وجوههم في النار} كقوله تعالى في آية أخرى: {الذين يحشرون على وجوههم} [الفرقان: 34]؛ وأصله ما ذكر في قوله: {أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم} [الملك: 22] يفعل بهم في الآخرة على ما كانوا في الدنيا.

{يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا} لا يزال الكفرة قائلين لهذا القول مرددين له في الآخرة لما رأوا من العذاب حين حل بهم.

{يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا} الرسول المطلق رسول الله، والسبيل المطلق هو دين الله، وهو المعروف في القرآن.

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

{يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} ظهراً لبطن حين يسحبون عليها.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

فالتقليب: تصريف الشيء في الجهات، ومثله التنقيل من جهة إلى جهة فهؤلاء تقلب وجوههم في النار، لأنه أبلغ في ما يصل إليهم من العذاب.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

خصت الوجوه بالذكر، لأنّ الوجه أكرم موضع على الإنسان من جسده، ويجوز أن يكون الوجه عبارة عن الجملة.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

لما بين أنه لا شفيع لهم يدفع عنهم العذاب، بين أن بعض أعضائهم أيضا لا يدفع العذاب عن البعض، بخلاف عذاب الدنيا فإن الإنسان يدفع عن وجهه الضربة اتقاء بيده، فإن من يقصد رأسه ووجهه تجده يجعل يده جنة أو يطأطئ رأسه كي لا يصيب وجهه.

وفي الآخرة تقلب وجوههم في النار، فما ظنك بسائر أعضائهم التي تجعل جنة للوجه ووقاية له.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{يوم} أي مقدار خلودهم فيها على تلك الحال بوم {تقلب} أي تقليباً كثيراً شديداً {وجوههم}...ذكر ذلك وإن كانت تلك النار غنية عنه لإحاطتها لأن ذكره أهول لما فيه من التصوير، وخص الوجوه لأن...الحدث فيها أنكأ.

ولما كان للإظهار مزيد بيان وهول مع إفادته استقلال ما هو فيه من الكلام بنفسه، قال: {في النار} أي المسعرة حال كونهم {يقولون} وهم في محل الجزاء وقد فات المحل القابل للعمل، متمنين لما لا يدركون تلافيه لأنهم لا يجدون ما يقدرون أنه يبرد غلتهم من ولي ولا نصير ولا غيرهما سوى هذا التمني: {يا ليتنا أطعنا} أي في الدنيا {الله} أي الذي علمنا الآن أنه الملك الذي لا أمر لأحد معه.

ولما كان المقام للمبالغة في الإذعان والخضوع، أعادوا العامل فقالوا: {وأطعنا الرسولا} أي الذي بلغنا حتى نعاذ من هذا العذاب، وزيادة الألف في قراءة من أثبتها إشارة إلى إيذانهم بأنهم يتلذذون بذكره ويعتقدون أن عظمته لا تنحصر.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} فتتحول من حالٍ إلى حال، فتصفرُّ تارةً وتسودّ أخرى، أو تنتقل من جهةٍ إلى أخرى، كما هو اللحم المشويّ عند مسّ النار له.

إعلان الندم

{يَقُولُونَ يا لَيْتَنَآ أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولاَ} فقد جاءنا الرسول بآيات الله، وعرّفنا مواقع أمره ونهيه، وما يرضيه ويسخطه، مما يصلح أمورنا ويبعدنا عن الفساد، ولكننا تمردنا وعصينا، من غير وعيٍ للنتائج، ولا تقدير للموقف.