فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{يَوۡمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمۡ فِي ٱلنَّارِ يَقُولُونَ يَٰلَيۡتَنَآ أَطَعۡنَا ٱللَّهَ وَأَطَعۡنَا ٱلرَّسُولَا۠} (66)

{ يقولون ياليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا } يتمنون حين لا ينفع التمني ، ويدعون ربهم قائلين : ) . . ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل . . ( {[14]} )ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون( {[15]} لكن سبق القول من ربنا أنهم إليها لا يرجعون ) . . ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون( {[16]} ، ثم يحاج الأواخر الأوائل ، ويلعن الأصاغر الأكابر{ وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا } وما هذا بمزحزحهم عن النار ، أو ليس قد قال العزيز الغفار : )ولا تطيعوا أمر المسرفين . الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون( {[17]} ؟ بلى ! وجاءهم النذير )ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر . حكمة بالغة فما تغني النذر( {[18]} { ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا } ويتابعون الدعاء ، ) . . وما دعاء الكافرين إلا في ضلال( {[19]} أي في ذهاب وتبار ، فلا يستجاب لهم ، فالمستضعفون يطلبون مضاعفة العذاب للمستكبرين ، وأن يعذبوا بمثلي ما عذب الأتباع ، لأن المستكبرين ضلوا ، وأضلوهم ، وجاء في آية كريمة أخرى أن المولى الحكيم يرد عليهم بالقول الفصل : ) . . حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون( {[20]} ، ولهم اللعنة ولهم سوء الدار .


[14]:واختار الألوسي ـ رحمه الله ـ أن الخطاب لموسى عليه السلام، والنهي بطريق التهييج والإلهاب.
[15]:سورة الليل. الآية 11.
[16]:ما بين العلامتين [ ] من تفسير القرآن العظيم.
[17]:هو عمدة المفسرين المأثور محمد بن جرير الطبري. صاحب كتاب جامع البيان في تأويل القرآن.
[18]:- سورة الزمر. من الآية 73.
[19]:- سورة الصافات. الآية 103، ومن الآية 104.
[20]:- أخرج أحمد والحاكم وصححه عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول في بعض صلاته: (اللهم حاسبني حسابا يسيرا؛ فلما انصرف عليه الصلاة والسلام قلت: يا رسول الله! ما الحساب اليسير؟ قال: (أن ينظر في كتابه فيتجاوز له عنه). وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النجوى فقال: (يدني الله عبده المؤمن حتى يضع كنفه عليه ثم يقول: تذكر ذنب كذا يوم كذا؟ تذكر ذنب كذا يوم كذا فيقول العبد: إي ربي. ثم يقول: أتذكر ذنب كذا يوم كذا؟ يقرره بذنوبه، والعبد يقول: أي ربي؛ حتى يرى العبد في نفسه أنه قد هلك، فيقو ل الله تعالى له: فأنا سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم. أما الذين كفروا فيقو ل الأشهاد. هؤلاء الذين كذبوا على ربهم {ألا لعنة الله على الظالمين}. أو كما قال صلى الله عليه وسلم.