نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{يَوۡمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمۡ فِي ٱلنَّارِ يَقُولُونَ يَٰلَيۡتَنَآ أَطَعۡنَا ٱللَّهَ وَأَطَعۡنَا ٱلرَّسُولَا۠} (66)

ولما ذكر حاليهم هذين ، أتبعه حالاً لهم قولياً على وجه بين حالاً فعلياً فقال{[56118]} : { يوم } أي مقدار خلودهم فيها{[56119]} على تلك الحال{[56120]} بوم { تقلب } أي تقليباً{[56121]} كثيراً شديداً { وجوههم } كما يقلب اللحم المشوي وكما ترى البضعة في القدر يتراقى بها الغليان من جهة إلى جهة ، من حال إلى حال ، وذكر ذلك وإن كانت تلك النار غنية عنه لإحاطتها{[56122]} لأن ذكره أهول لما فيه من التصوير ، وخص الوجوه لأنها أشرف ، والحدث{[56123]} فيها أنكأ .

ولما كان للإظهار مزيد بيان وهول مع إفادته استقلال ما هو فيه من الكلام بنفسه ، قال : { في النار } أي المسعرة حال كونهم { يقولون } وهم في محل الجزاء وقد فات المحل القابل للعمل ، متمنين لما لا يدركون تلافيه لأنهم لا يجدون ما يقدرون أنه يبرد غلتهم من ولي ولا نصير ولا غيرهما سوى هذا التمني : { يا ليتنا أطعنا } أي في الدنيا { الله } أي الذي علمنا{[56124]} الآن أنه الملك الذي لا أمر لأحد معه .

ولما كان المقام للمبالغة{[56125]} في الإذعان والخضوع ، أعادوا العامل فقالوا : { وأطعنا الرسولا * } أي الذي بلغنا حتى نعاذ من هذا العذاب ، وزيادة الألف في قراءة{[56126]} من أثبتها إشارة إلى إيذانهم بأنهم يتلذذون بذكره ويعتقدون أن عظمته لا تنحصر


[56118]:سقط من ظ.
[56119]:سقط من ظ.
[56120]:في ظ وم ومد: الحال.
[56121]:من م ومد، وفي الأصل وظ: تقلبا.
[56122]:من م ومد، وفي الأصل وظ: لإحاطته.
[56123]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الحديث.
[56124]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: أعلمنا.
[56125]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: للمقابلة.
[56126]:راجع نثر المرجان 5/440.