تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَعَصَىٰ فِرۡعَوۡنُ ٱلرَّسُولَ فَأَخَذۡنَٰهُ أَخۡذٗا وَبِيلٗا} (16)

م/10

المفردات :

أخذا وبيلا : شديدا ثقيلا ، وخيم العقبى .

التفسير :

15 ، 16- إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا* فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا .

من شأن القرآن أن يلوّن القول ويصرّفه ، وقد كانت آيات سابقة تتحدث عن ألوان العذاب في الآخرة ، وعن أهوال القيامة ، وهنا جابه القرآن أهل مكة وكل من كذّب الرسل .

والمعنى : لقد أرسلنا إليكم رسولا كريما ، هو خاتم المرسلين ، وإمام المتقين ، وصاحب الخلق العظيم ، وسيشهد عليكم يوم القيامة بأنه بلغكم الرسالة ، وأدى الأمانة ، وقدّم النصيحة ، وقد قابلتموه بالتكذيب والإيذاء ، مع أنه ولد بينكم ، وعرفتم صدقه وأمانته ، ثم استكثرتم عليه الرسالة والنبوة ، لأنه يتيم فقير .

وقد أرسلنا رسولا سابقا إلى فرعون ملك مصر ، فعصى فرعون الرسول ، وكذّب موسى واستكبر ، فأغرقه الله في الماء ، وانتقم منه انتقاما مريعا ، وعذبه عذابا ثقيلا غليظا وبيلا .

وستكون عاقبتكم أشد وأنكى من فرعون ، ورسولكم سيشهد عليكم بأفعالكم ، ولو آمنتم لشهد لكم بهذا الإيمان .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَعَصَىٰ فِرۡعَوۡنُ ٱلرَّسُولَ فَأَخَذۡنَٰهُ أَخۡذٗا وَبِيلٗا} (16)

وإياكم أن تكفروها ، فتعصوا رسولكم ، فتكونوا كفرعون حين أرسل الله إليه موسى بن عمران ، فدعاه إلى الله ، وأمره بالتوحيد ، فلم يصدقه ، بل عصاه ، فأخذه الله أخذا وبيلا أي : شديدا بليغا .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَعَصَىٰ فِرۡعَوۡنُ ٱلرَّسُولَ فَأَخَذۡنَٰهُ أَخۡذٗا وَبِيلٗا} (16)

" فعصى فرعون الرسول " أي كذب به ولم يؤمن . قال مقاتل : ذكر موسى وفرعون ؛ لأن أهل مكة ازدروا محمدا صلى الله عليه وسلم واستخفوا به ؛ لأنه ولد فيهم ، كما أن فرعون أزدرى موسى ؛ لأنه رباه ونشأ فيما بينهم ، كما قال تعالى : " ألم نربك فينا وليدا " [ الشعراء :18 ] .

قال المهدوي : ودخلت الألف واللام في الرسول لتقدم ذكره ؛ ولذلك اختير في أول الكتب سلام عليكم ، وفي آخرها السلام عليكم . " وبيلا " أي ثقيلا شديدا . وضرب وبيل وعذاب وبيل : أي شديد ، قاله ابن عباس ومجاهد . ومنه مطر وابل أي شديد . قاله الأخفش . وقال الزجاج : أي ثقيلا غليظا .

ومنه قيل للمطر وابل . وقيل : مهلكا ( والمعنى عاقبناه عقوبة{[15525]} غليظة ) قال :

أكلتِ بنيكِ أكلَ الضَّبِّ حتى *** وَجدْتِ مَرَارَةَ الكَلأِ الوَبِيلِ

واستوبل فلان كذا : أي لم يحمد عاقبته . وماء وبيل : أي وخيم غير مريء ، وكلأ مستوبل وطعام وبيل ومستوبل : إذا لم يمرئ ولم يستمرأ ، قال زهير :

فَقَضَّوا مَنَايَا بينهم ثم أصدروا *** إلى كَلأٍ مُسْتَوْبَلٍ مُتَوَخَّمِ

وقالت الخنساء :

لقد أكلتْ بَجِيلَةُ يومَ لاقَتْ *** فَوارِسَ مالك أكْلاً وَبِيلاً

والوبيل أيضا : العصا الضخمة ، قال :

لو أصْبَحَ في يُمْنَى يَدَيَّ زِمَامُهَا{[15526]} *** وفي كَفِّيَ الأخْرَى وَبيلٌ تُحَاذِرُهْ

وكذلك الموبل بكسر الباء ، والموبلة أيضا : الحزمة من الحطب ، وكذلك الوبيل ، قال طرفة :

عقيلةُ شيخٍ كالوبِيلِ يَلَنْدَدِ{[15527]}


[15525]:الزيادة من حاشية الجمل نقلا عن القرطبي، ونص بأنها عبارته.
[15526]:في أ، ح، و: "رقامها".
[15527]:يلندد: شديد الخصومة. وصدر البيت: *فمرت كهاة ذات خيف جلالة *
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَعَصَىٰ فِرۡعَوۡنُ ٱلرَّسُولَ فَأَخَذۡنَٰهُ أَخۡذٗا وَبِيلٗا} (16)

ولما كان الإرسال سبباً للقبول أو الرد قال : { فعصى فرعون } أي بما له من تعوج الطباع { الرسول } أي الذي تقدم أنا أرسلناه إليه فصار معهوداً لكم بعد ما أراه من المعجزات البينات{[69550]} والآيات الدامغات - بما أشار إليه مظهر العظمة ، ولذلك سبب عن عصيانه قوله : { فأخذناه } أي بما لنا من العظمة ، وبين أنه {[69551]}أخذ قهر وغضب{[69552]} بقوله : { أخذاً وبيلاً * } أي {[69553]}ثقيلاً شديداً متعباً{[69554]} مضيقاً رديء العاقبة من قولهم{[69555]} : طعام وبيل - إذا كان وخماً لا يستمرأ أي لا ينزل{[69556]} في المري ولا يخف عليه ، وذلك{[69557]} بأن أهلكناه ومن معه أجمعين لم ندع منهم أحداً - وسيأتي إن شاء الله تعالى في " ألم نشرح " قاعدة إعادة النكرة{[69558]} والمعرفة .


[69550]:سقط من ظ و م.
[69551]:من ظ و م، وفي الأصل: أخذه قهرا وغضبا وكيدا.
[69552]:من ظ و م، وفي الأصل: أخذه قهرا وغضبا وكيدا.
[69553]:من ظ و م، وفي الأصل: شديدا مثقلا متعقبا.
[69554]:من ظ و م، وفي الأصل: شديدا متعقبا.
[69555]:زيدت الواو في الأصل ولم تكن في ظ و م فحذفناها.
[69556]:من ظ و م، وفي الأصل: لا يترك.
[69557]:من ظ و م، وفي الأصل: كذلك.
[69558]:من ظ و م، وفي الأصل: التنكير.