تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ ٱلۡغَيۡثَ مِنۢ بَعۡدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحۡمَتَهُۥۚ وَهُوَ ٱلۡوَلِيُّ ٱلۡحَمِيدُ} (28)

27

المفردات :

الغيث : المطر النافع الذي يغيث الناس بعد الجدب .

قنطوا : يئسوا من نزوله .

رحمته : هي منافع الغيث وآثاره ، التي تعم الإنسان والحيوان والنبات والسهل والجبل .

الولي : الذي يتولى عباده بالإحسان .

الحميد : المستحق للحمد على نعمه .

التفسير :

28- { وهو الذي ينزّل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد } .

يمتحن الله الناس بالشر والخير فتنة واختبارا ، وقد يطول المَحْلُ ويتأخر المطر حتى ييأس الناس منه ، وإذا بفضل الله تعالى يظهر فيسوق السحاب ، وينزل المطر ، ويأتي الغيث والماء بعد القنوط واليأس ، فتخضر الأرض ، وتنتشر آثار رحمة الله بعباده حيث ينبت النبات ، ويأكل الحيوان الإنسان ، ويعم الخير والفضل والرحمة ، وهو سبحانه يوالي المؤمنين بالنعم ، وهو أهل للحمد والفضل والثناء .

من أسباب النزول :

أخرج الحاكم وصححه ، عن علي قال : نزلت هذه الآية في أصحاب الصفة : { ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض . . . } ( الشورى : 27 ) . وذلك أنهم قالوا : لو أن لنا ، فتمنوا الدنيا والغنى .

وقال خباب بن الأرت : فينا نزلت هذه الآية – أي في أهل الصفة - وذلك أنا نظرنا إلى أموال بني قريظة وينب النضير وبني قينقاع فتمنيناها .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ ٱلۡغَيۡثَ مِنۢ بَعۡدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحۡمَتَهُۥۚ وَهُوَ ٱلۡوَلِيُّ ٱلۡحَمِيدُ} (28)

{ وهو الذي ينزل الغيث } المطر { من بعد ما قنطوا } من بعد يأس العباد من نزوله { وينشر رحمته } ويبسط مطره

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ ٱلۡغَيۡثَ مِنۢ بَعۡدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحۡمَتَهُۥۚ وَهُوَ ٱلۡوَلِيُّ ٱلۡحَمِيدُ} (28)

ولما ذكر إنزال الرزق على هذا المنوال ، وكان من الناس ممن خذله الإضلال من يقول : إن ما الناس فيه من المطر والنبات وإخراج الأقوات إنما هو عادة الدهر بين أنه سبحانه هو الفاعل لذلك بقدرته واختياره بما هو كالشمس من أنه قد يحبس المطر عن إبانه وإعادته في وقته وأوانه ، حتى ييأس الناس منه ثم ينزله إن شاء ، فقال معبراً بالضمير الذي هو غيب لأجل أن إنزال الغيث من مفاتيح الغيب : { وهو } أي لا غيره قادر على ذلك فإنه هو { الذي ينزل الغيث } أي المطر الذي يغاث به الناس أي يجابون إلى ما سألوا ويغاثون ظاهراً كما ينزل الوحي الذي يغاثون به ظاهراً وباطناً .

ولما كان الإنزال لا يستغرق زمان القنوط ، أدخل الجار فقال : { من بعد ما قنطوا } أي يئسوا من إنزاله وعملوا انه لا يقدر على إنزاله غيره ، ولا يقصد فيه سواه ، ليكون ذلك أدعى لهم إلى الشكر وينشره - هكذا كان الأصل ولكنه لما بين أنه غيث قال بياناً لأنه رحمةً ، وتعميماً لأثره من النبات وغيره : { وينشر رحمته } أي على السهل والجبل فينزل من السحاب المحمول بالريح من الماء ما يملأ الأرض بحيث لو اجتمع عليه الخلائق ما أطاقوا حمله ، فتصبح الأرض ما بين غدران وأنهار ، ونبات ونجم وأشجار ، وحب وثمار ، وغير ذلك من المنافع الصغار والكبار ، فلله ما أعلى هذه القدرة الباهرة والآية الظاهرة ، فيخرج من الأرض التي هي من صلابتها تعجز عنها المعاول نجماً هو في لينه ألين من الحرير ، وفي لطافته ألطف من النسيم ، ومن سوق الأشجار التي تنثني فيها المناقير أغصاناً ألطف من ألسنة العصافير ، فما أجلف من ينكر إخراجه الموتى من القبور ، أو يحيد عن ذلك بنوع من الغرور .

ولما أنكر عليهم فيما مضى اتخاذ ولي من دونه بقوله تعالى { أم اتخذوا من دونه أولياء } وأثبت أنه هو الولي ، وتعرف إليهم بآثاره التي حوت أفأنين أنواره ، وكانت كلها في غاية الكمال موجبة للحمد المتواتر المنوال ، قال : { وهو } أي وحده لا غيره { الولي } أي الذي لا أحد أقرب منه إلى عباده في شيء من الأشياء { الحميد * } أي الذي استحق مجامع الحمد مع أنه يحمد من يطيعه فيزيده من فضله ويصل حبله دائماً بحبله .